آخر المستجدات

حول اللقاء التشاوري المتعلق بالاستثمار في التعليم

محمد انويكة

بمناسبة الاحتفال بأسبوع العمل العالمي للتعليم برسم سنة 2016 وتحت شعار: “الإنفاق على التعليم ضمانة للمستقبل”، نظم المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديموقراطية للشغل وفي إطار الشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة وبمساهمة الأمم المتحدة واليونيسكو والأممية التعليمية يوم 28 أبريل 2016، مائدة مستديرة بفضاء هذه الأكاديمية حول آفاق الاستثمار في قطاع يعد بالنسبة للكثير من الدول والفاعلين والباحثين والشركاء الاجتماعيين.. خيارا استراتيجيا كمقوم أساسي للاتجاه بالتنمية المستدامة نحو المستقبل وبالتالي ملامسة جوهر الإشكاليات التي تواجه مدرستنا المغربية انطلاقا من المعايير الحالية المحددة لطبيعة التعلمات بها على ضوء الرؤيا الاستراتيجية 2015-2030 للنهوض بالقطاع.
الحسين سوناين عضو المجلس الوطني الذي قام بتنشيط وتسيير هذه المائدة المستديرة وباسم المكتب الجهوي، رحب بكل الفاعليات الحاضرة فيه منوها في ذات السياق بالقرار الذي اعتبره جريئا للنقابة الوطنية للتعليم المتعلق بتوسيع الاستشارة مع مختلف الفاعلين في القطاع حول تمويل التعليم ببلادنا بمناسبة احتفال الأممية التعليمية بأسبوع العمل العالمي للتعليم ما بين 24 و30 أبريل 2016، وباعتبار نقابتنا كذلك عضوا في التحالف الدولي للأممية التعليمية.
مسير اللقاء وبعد التذكير بأسماء المساهمين في هذا الملتقى استعرض جدول الأعمال قبل أن يعطي الكلمة للكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديموقراطية للشغل محمد انويكة الذي أبلغ الحضور تحيات وتقدير الكاتب العام لهذه المنظمة لمختلف المساهمين في الملتقى المتعدد الأبعاد ومقدما بالنيابة عنه اعتدار عدم حضوره لالتزامات طارئة، مستعرضا في ذات الوقت استراتيجية النقابة الوطنية للتعليم المتعلقة بتوسيع الاستشارة حول إجراءات تمويل قطاع التعليم ببلادنا على ضوء الجهوية الموسعة مشيرا إلى تشبث هذه المنظمة النقابية ومنذ مدة طويلة سواء عبر حلقاتها التكوينية او لقاءاتها التعبوية أو عبر الحوارين المركزي والقطاعي او مستشاريها البرلمانيين، بضرورة الرفع من الاعتمادات المخصصة للقطاع …
الأستاذة ربيعة الصالحي المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بنيابة الصخيرات تمارة وممثلة السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة اعتزت بمشاركتها في هذا اللقاء الذي قالت بأنه يعزز التواصل البناء مع الشركاء الاجتماعيين مشددة على أن الدراسة والبحث في سبل تمويل قطاع التعليم ببلادنا لا يجب أن يبقى من الطابوهات، مؤكدة في نفس السياق على أن الاستثمار في القطاع وتدبير حاجياته لابد وأن يتم في إطار تشاركي وعبر تصور نسقي ولم يعد شأنا خاصا بالدولة فقط. الأستاذة المتدخلة طرحت العديد من التساؤلات في تقاطعها مع محور اللقاء من قبيل مقارنة الاعتمادات المخصصة للتعليم مع النتائج المحصل عليها عبر مختلف الأسلاك التعليمية..
الخبير الوطني الدكتور إبراهيم الشداتي قدم قراءة تقنية بحمولة كرونولوجية عن مسار تمويل التعليم ببلادنا بحكم ما راكمه من تجربة في هذا المجال معتزا في ذات الوقت بمساهمته إلى جانب النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديموقراطية للشغل وباقي الفاعلين الحاضرين مستعرضا في نفس الاتجاه مختلف المؤشرات المتعلقة بالإنفاق في التعليم مع تركيزه على الحسم في جدلية المفهومين الإنفاق والاستثمار، معبرا وفي نفس السياق عن مخاوفه من تقلص الاستثمار في التعليم بسبب توسع خارطة التعليم الخصوصي. وبعد أن قدم مضامين التقرير الذي اعتبره سابقة في تاريخ المغرب حول حساب فرعي من منظومة المحاسبة في التعليم والذي أنجز خلال 2003- 2004 تساءل عن هزالة مساهمة بعض القطاعات الحكومية في الإنفاق على التعليم بالمغرب كوزارة الفلاحة مثلا ثم الجماعات المحلية وبعض مكونات المجتمع المدني ليعرج على تقديم بعض نماذج الإنفاق في العالم على القطاع ومقارنتها بالمغرب لاستخلاص النتائج النهائية وربطها بالهدر المدرسي وبسوق الشغل: فالبرازيل وأكرانيا لهما نفس مستوى الإنفاق المغربي إلا أن نتائجهما أكثر تقدما من المغرب بينما هناك دول تنفق أقل بكثير من المغرب ولها نفس نتائج المغرب كغانا مثلا؟ ليختم تدخله بطرح سؤال بنيوي حول من المستفيد من الموازنة المالية المرصودة للتعليم ببلادنا؟
الأستاذة فوزية العزوزي عن الاتحاد الوطني للجمعيات الفاعلة في مجال الإعاقة فقد انطلقت من دراسة ميدانية حديثة تلامس الإنفاق التعليمي على ذوي الاحتياجات الخاصة رابطة إياها بأولوية تحقيق العدالة الضريبية.. وبالأرقام والفئات العمرية للتلاميذ المعاقين أمام الحواجز الإدارية والمالية والنفسية والمجتمعية فإن ما بين 15 و17 سنة منهم لا يتجاوز مستواهم التعليمي الابتدائي.
أما الأستاذ أحساين أجور مدير مديرية التربية غير النظامية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني فقد طرح على الحاضرين سؤالا جوهريا عن مدى استطاعة التربية غير النظامية استدراك ما لم توفره التربية النظامية؟ كما تطرق كذلك إلى أن منظومتنا التعليمية تفقد سنويا 30 في المائة من غلافها الزمني مما يضفي على النتائج طابع الهزالة.
ألأستاذة نعيمة الشدادي نيابة عن رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة والمهتمة بقضايا التربية والتعليم بالجهة فقد نوهت بمبادرة النقابة الوطنية للتعليم بفتح مثل هذه الملفات التي ترهن حاضر ومستقبل المنظومة ببلادنا معتبرة أن ترشيد الإنفاق في القطاع لا يعني بالمرة التقشف فيه، بل تدبيره في إطار من الحكامة الجيدة والمسؤولية وأن تقييم النتائج يعد هو المدخل الرئيسي للإصلاح.
المساهمون في اللقاء تطرقوا بالتحليل والنقاش البناء والمستفيض، إلى مضامين المحاور التالية:
أولا: هل يتم الاستثمار بشكل كاف في قطاع التربية والتكوين؟
ثانيا: ماهي طبيعة العوائق التي يمكن أن تشكل حاجزا أمام تطوير جودة التعليم بالمغرب؟ وماهي إمكانيات تجاوزها؟
ثالثا: كيفية الاستفادة من بعض التجارب الناجحة دوليا بالنسبة لمنظوماتها التعليمية؟
رابعا: ماهي طبيعة الموارد الأساسية لتمويل قطاع التعليم بالمغرب على ضوء استراتيجية الإصلاح المقرر في أفق 2030؟
خامسا: ما هي أبرز الآثار والتوقعات المترتبة عن تطبيق تلك الاستراتيجية؟
تدخلات الحاضرين في هذا اللقاء الهام لامست في مجملها العديد من القضايا الراهنة بالقطاع كالهدر المدرسي وتحفيز العنصر البشري والرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للاستثمار في المنظومة… مع ضرورة إشراك الإدارات العمومية والفاعلين السياسيين والاجتماعيين والتربويين ومختلف الأطراف المانحة لدعم استراتيجية الحق في التعليم العمومي والمجاني المنصف والجيد لكل أبناء وبنات الشعب المغربي مع استحضار تطوير البعد البيداغوجي وتحسين جودة البرامج والمناهج حتى نتمكن جميعا من خلق الشروط الملائمة للتوجه بمدرستنا العمومية نحو المستقبل.
تدخلات أخرى تناولت بالتحليل استراتيجية الوزارة التمويلية وبالخصوص التي تستهدف التلاميذ في وضعية إعاقة، في حين تم اقتراح تعميم خلاصات هذا اللقاء على مختلف المهتمين والمسؤولين عن القطاع بالجهة. وقبل الاختتام وحضور حفل شاي على شرف المشاركين والمساهمين، تدخلت الأخت خديجة بوجدي عضوة المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم لتعزز مضامين مختلف العروض والكلمات بمعطيات تتعلق بواقع الاستثمار في القطاع ونتائجه على مستوى التحصيل كما تطرقت لمساهمة ذات النقابة وعبر شركائها الوطنيين والدوليين في الدفاع عن المدرسة العمومية باعتبارها كانت ولا تزال منتجة للنخب لتقدم في النهاية وباسم النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديموقراطية الشكر إلى الأستاذ محمد أضرضور مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة على ترحيبه بفكرة تنظيم هذا اللقاء التربوي التشاوري، وللدعم اللوجيستيكي الذي وفره للقاء ونفس الشكر لكل الأطر العاملة بهذه الأكاديمية.
كما نتوجه بذات الشكر إلى كل الأساتذة والفاعلين الذين أغنوا هذا اللقاء بمساهاماتهم وأفكارهم وتحليلاتهم وأسئلتهم المشروعة التي نتقاسمها جميعا من أجل تطوير وجودة برامجنا التعليمية التي تقدمها المدرسة العمومية.

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: