فاتحي:” أوجب واجبات الحكومة تعزيز الجبهة الداخلية لبلادنا لمواجهة المؤامرات التي تحاك ضدها”.
نورالدين قاسمي
هاجم الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل عبد الحميد فاتيحي اليوم حكومة بنكيران ،متهما إياها بأنها تحاول الإجهاز على الكثير من مكتسبات الشعب المغربي من خلال وفاءها لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية والإيمان بمنطق اللبيرالية ،في ظل سياقات وطنية تستدعي تعزيز الجبهة الداخلية لبلادنا في مواجهة المؤامرات التي تحاك ضدها من طرف القوى الفاعلة في القرار الدولي.
وأكد فاتيحي الذي كان يتحدث اليوم أمام الالاف من الفيدراليين والفيدراليات بمدينة الدارالبيضاء ، بأن الحكومة الحالية لا زالت مستمرة في نهجها الساعي إلى القضاء على الدور الاجتماعي للدولة، فبعد التخلص من نظام المقاصة الذي وفر لميزانية الدولة ما بين 2012 و2016 41 مليار درهم لم يظهر لها أثر على حياة المواطنين، ومواصلتها الرفع من الضرائب، وتجميدها للأجور، تتجه اليوم إلى كسر الطابع العمومي عن المدرسة العمومية والصحة بفتحها أمام الرأسمال الخاص وضرب المجانية ودعوة الأسر المغربية إلى التأدية على تدريس أبنائها، ومواجهة المطالب النقابية بالتماطل والتسويف وتدمير آليات الحوار الاجتماعي، ومواجهة الحركات الاحتجاجية بالقمع والتضييق، مما أضحى معه المشهد يقدم إحالة واقعية إلى الممارسات التي سادت في عقود كانت فيها البلاد ترزح تحت نير الاستبداد والتحكم.
وشدد الكاتب العام للفيدرالية ، على أن الإحتفال بعيد العمال الأممي فاتح ماي لهذه السنة تحت شعار “جبهة اجتماعية لمواجهة السياسة الحكومية اللاشعبية” هو ترجمة لواقع صعب تعيشه الطبقة العاملة المغربية والفئات الواسعة من الشعب المغربي، نتيجة السياسة الحكومية التي أجهزت على كثير من مكتسبات الشعب المغربي، وقوضت القدرة الشرائية للمأجورين بقراراتها الأحادية في كثير من قضاياها المصيرية في إطار الوفاء لتوجيهات المؤسسات الدولية المانحة، هذا التوجه الذي استمر طيلة ولاية الحكومة، يريد الإجهاز على ما تحقق من تراكمات في مجال الحقوق والحريات وبناء المؤسسات المؤطرة للديمقراطية التشاركية، بفضل النضالات والتضحيات التي قدمتها الشغيلة المغربية في إطار انحيازها الدائم إلى قوى التقدم والحداثة، مما يجعلنا اليوم مطوقين بأمانة الدفاع عن هذه المكتسبات فاعلين نقابيين وديمقراطيين وفاعلين في المجالات المدنية لوقف هذا الزحف المدمر لكل التراكمات وفي مختلف المجالات كمجهود جماعي للشعب المغربي في بناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ودولة الحق والقانون والمؤسسات، من خلال التوحد في جبهة اجتماعية قادرة على إعادة التوازن إلى المجتمع، الذي اختل إلى صالح قوى المحافظة والرجعية.
فاتحي أشار إلى أن خطاب جلالة الملك محمد السادس خلال القمة المغربية الخليجية، كان مصيبا في تشخيص الوضع في المنطقة العربية ودور القوى العظمى في إعادة صياغة الخرائط الإقليمية ونشر الخراب والدمار وخلق مآسي إنسانية كبرى، وحذر من مغبة الاستمرار في استعمال بالقضية الوطنية لبلادنا لزعزعة استقرار البلاد، إنه خطاب قوي يترجم وحدة المغاربة حول قضيتهم الوطنية وحول ثوابتهم الوطنية، وأرسل الرسائل إلى كل الجهات المعنية بأن المغرب ليس محمية لأحد، مما يجعلنا اليوم في موقف وطني كبير للملك والشعب لتعزيز الجبهة الداخلية للدفاع عن الوحدة الترابية لبلادنا والاستمرار في بناء الديمقراطية وبناء دولة المؤسسة، ودولة الحق والقانون.
وأكد فاتيحي على أن المطلوب من الحكومة هو التفاعل مع الخطاب الملكي، دبلوماسيا وسياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا، بدل الاستمرار في معاداتها للقوى الاجتماعية والحركات الاحتجاجية المطالبة بتحسين أوضاعها، والإمعان في الإدعاء بأن أوضاعنا في أحسن حالاتها نتيجة ما تسميه بالإصلاحات التي قامت بها، في وقت نرى فيه أن أوضاعنا الاقتصادية تعرف صعوبات كبرى، إذ أن نسبة النمو التي لم تتجاوز 3% سنة 2015، لن تفوق 1% سنة 2016 حسب تقرير بنك المغرب، في سياق موسم فلاحي ضعيف لن يتجاوز محصوله 50 مليون قنطار، مع العلم أن المديونية الخارجية وصلت غلى مستويات قياسية تذكرنا بما كانت عليه الأوضاع في عقد الثمانينات، والواقع يثبت انعكاس ذلك على تراجع عدد مناصب الشغل المحدثة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وتنامي مظاهر الهشاشة الاجتماعية في زمن تدعي فيه الحكومة وضعها لسياسات الحد منها.
وحمل الكاتب العام للفيدرالية مسؤولية فشل الحوار الاجتماعي، للخيارات السياسية للحكومة والتي تريد جعله مطية لتدمير تراكمات المأسسة التي تحققت في إطاره، وكذلك مدخلا لإضعاف الطبقة العاملة المغربية باعتبارها القلب النابض للطبقة الوسطى القادرة على التأثير في الرأي العام، من خلال الإجراءات المتتالية التي اتخذتها بشكل انفرادي والتي مست بشكل أساسي قدرتها الشرائية، بداء بإلغاء المقاصة دون اتخاذ التدابير المصاحبة لتفادي تأثيرات السوق في أسعار المواد البترولية والمواد الأساسية، ومواصلتها على مدى خمس قوانين للمالية فرض نسب جديدة في الضريبة على القيمة المضافة، بلى إحداث ضرائب جديدة، كل ذلك في وقت حولت فيه الجلسات النادرة مع النقابات إلى جلسات للاستماع، لم تنتج خلال الولاية الحكومية برمتها أي إجراء لصالح الأجراء، بل بالعكس اتجهت الحكومة إلى التنكر حتى للاتفاقات السابقة، مركزية وقطاعية في مقدمتها اتفاق 26 أبريل 2011 وخاصة الإجراءات التي ليست لها كلفة مالية مثل نسخ الفصل 288 من القانون الجنائي كبوابة لإدخال العمال إلى السجن، والمصادقة على الاتفاقية 87 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالحريات النقابية، وإحداث درجة جديدة للترقي وتوحيد الحد الأدنى للأجر في القطاعين الصناعي والفلاحي وذلك دون الحديث عن تجميد الأجور والاستمرار في انهاك الأجور بالاقتطاعات الضريبية المجحفة من خلال الضريبة على الدخل التي يؤدى منها الأجراء ما يفوق 75% .
وتحت يافطة “الإصلاح” يقول فاتيحي ، ” اتجهت الحكومة إلى ضرب مكتسب التقاعد، حيث أقدمت خارج إطار الحوار الاجتماعي على تقديم مشاريع قوانين تروم مراجعة النظام الحالي للمعاشات المدنية (الصندوق المغربي للتقاعد) من خلال إجراءات مقياسية كلها على حساب الموظف بزيادة أربع نقط في الاقتطاعات واحتساب 2% كنسبة سنوية بدل 2,5% وتغيير قاعدة احتساب المعاش من آخر أجر إلى معدل أجر الثمان سنوات الأخيرة، والرفع من السن المطلوب للتقاعد النسبي من 15 سنة إلى 21 سنة عمل بالنسبة للنساء ومن 21 سنة إلى 26 سنة كما بالنسبة للرجال ” .
وقد ناقش فاتيحي الوضع التنظيمي للفيدرالية ،مؤكدا على أنها أصبحت قوية بعد مؤتمرها الرابع من خلال ما حققته في الانتخابات المهنية ليونيو 2015، ” خاصة في القطاع العام الذي نحتل فيه الموقع الثالث، ونظرا للتزوير الفظيع الذي عرفته انتخابات مندوبي الأجراء في القطاع الخاص فقد تم حرماننا من صفة النقابة الأكثر تمثيلا، لكننا في الواقع الميداني أكثر تمثيلا بفعل شفافيتنا ونزاهتنا أمام الشغيلة المغربية، التي لن نساوم أبدا على حقوقها ومكتسباتها، لذلك استطعنا رغم الظروف الصعبة أن ننتزع مقعدا في الغرفة الثانية بالبرلمان، مما مكننا أن نكون حاضرين في أعين الدولة في عدة محطات، خاصة الحضور في الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء بمدينة العيون ” .
وفي الختام وجه فاتيحي رسالته للمنشقين مؤكدا على أنه لا مكان لهم تحت شمس الفيدرالية الديمقراطية للشغل، ” وبهذه المناسبة نجدد الترحيب بإخواننا الذين عادوا إلى أحضان منظمتهم معززين مكرمين، ونجدد دعوتنا إلى كافة الأخوات والإخوة الذين لازالوا لم يحسموا أمرهم أن البيت الفيدرالي يتسع للجميع وأننا منفتحون على كل الصيغ التي من شأنها تكريس وحدة الجسم الفيدرالي” .
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش