آخر المستجدات

توضيحات لا بد منها بخصوص محضر الاتفاق

عاصم منادي الإدريسي

كنت قد قررت ألا أكتب عن موضوع الحوار ونتائجه، لكن أمام حملة التبخيس والاتهام ولغة التخوين والمؤامرة التي يشنها بعض “المتجذرين”،assem1 التي شوشت على المئات من الأساتذة المتدربين (ات) وحيرتهم وهم يرون المحضر، ويرون التحليلات والتأويلات والقراءات التي تذهب في الموضوع بعيدا، (أمام ذلك) ارتأيت أن أضع بعض التوضيحات فيما خص المحضر والبنود.

سأبدأ بقضية الامتحانين التي تحدثت عنها بإسهاب كثير من التحليلات.

  1. بعد انتهاء التكوين النظري في الثلاثة الأشهر المقبلة، لن يكون هناك امتحان، بل فقط التصديق على المجزوءات، والمقصود بالتصديق على المجزوءات ليس الامتحان.بل هو مجرد فرض يقيمه الأستاذ المكون بنقطة. والمحضر لا يتحدث عن استيفاء المجزوءات، بل التصديق عليها فقط.والتصديق يكون بالحضور وليس بالمعدل.وليس الغرض من هذا التصديق ترسيب البعض أو إقصاءهم كما يروج بعض المحللين. بل من أجل اعتماد تلك النقط كمعايير للتعيين، للمفاضلة بين الأساتذة المتدربين بحسب رغباتهم في اختيار مناطق تعيينهم.
  2. بعدها سيتم التعيين، وسيلتحق الأساتذة المتدربون بمقرات عملهم، وسيتولى المفتش أو المؤطر عملية المصاحبة كما جرت العادة، ولن يكون الأساتذة المتدربون مطالبين ببحث نظري، بل سيتم تعويضه بتقرير ينجزه المفتش أو الأستاذ المصاحب والمدير حول عمل الأستاذ في القسم…وستعطى التعليمات بتحديد طبيعة ذلك المضمون، بما يؤكد أهلية الأستاذ. وهو تقرير يقوم مقام الامتحان الذي كان يتم إجراؤه من طرف لجنة تتكون من المفتش والاستاذ المصاحب في طور التكوين الميداني بالمراكز.
  3. بعدها سيتقدم الأساتذة المتدربون إلى مباراة التوظيف التي يؤكد المحضر أن مناصبها ستناسب عدد المؤهلين. وهو أمر صحيح، إذا علمنا بأن عدد 300 تقريبا من الاساتذة المتدربين غير المقاطعين سيلتحقون بعملهم بشكل عاد في بداية الموسم، إضافة إلى أن هناك حالات قد تنسحب نهائيا أو ترفض الالتحاق بالعمل بسبب مرض أو حادث أو ظروف طارئة، وهو أمر يحدث سنوبا وفي أوضاع عادية، فمن المستحيل ضمان 10 آلاف شخص. ولذلك فكل من يلتحق بعمله سيحظى بالتأهيل، وسيعتبر ناجحا في مباراة التوظيف التي تبقى شكلية. والدليل على ذلك أن نتائجها لن تؤثر نهائيا في التعيين أو الأقدمية. إذن فمن غير المعقول أن تعلن الحكومة في محضرها الرسمي عن عشرة آلاف منصب في مباراة يناير، بينما تعرف مسبقا أن من سيتقدمون للمباراة أقل عددا من العشرة آلاف. لذلك ستفتح المباراة في وجه المؤهلين فقط (أي الأساتذة المتدربين الذين يزاولون في الأقسام، منقوصين من 300 من غير المقاطعين مضافة إليها الحالات الخاصة التي تحدثت عنها قبل قليل).
  4. الضمانات: يتعلق الأمر بمقرر وزاري، سيتم تنظيمه بمرسوم يمثل التزام الدولة وليس شخصا معينا. هذا من جهة. أضف إلى ذلك أن شروط الواقع لا تسمح نهائيا بأي نقض ولا مصلحة لأي جهة في ذلك. فالقطاع يحتاج إلى عشرات الآلاف من الأطر وليس هذا الفوج فقط. وليس من المشروع مقارنة هذا المحضر مع محضر 20 يوليوز، لأن المحضر الذي تم توقيعه مع المعطلين تم نقضه بقوة القانون (التوظيف بالمباريات وليس مباشرة). بينما في هذا الملف تعترف الحكومة بخسارتها قانونيا، ولو كانت تملك شرعية قانونية لما تراجعت وتنازلت أبدا.

سيوقع الأساتذة المتدربون على التزام بالعمل في الوظيفة العمومية لثماني سنوات. وهو التزام لا يوقعه في الغالب إلا الناجحون. ففي المدارس العليا للأساتذة سابقا كان يتم توقيعه من طرف الطلبة الأساتذة بعد النجاح لا قبله. وهو إشارة رسمية على توظيف الجميع دون نقاش.

رسالتي للأساتذة المتدربين، لا تهتموا بالتحليلات وبالكثير من الهراء الذي يقال من طرف من نصبوا أنفسهم خبراء. ومن طرف من أرادوا (بوعي أو دونه) أن يلبسوا عباءة البطولة في اليوم الأخير. تمتعوا بنصركم وبانتهاء معاناتكم واطمئنوا. فليس عليكم في ذلك أي حرج.

قد يعترض علي بعضهم قائلا، لماذا لم ينص المحضر صراحة على شكلية المباراة…والجواب البسيط، هو أن المحضر يمثل التزام دولة، وليس معقولا أن تعلن الدولة التي تدعي يوميا تطبيق القانون خرق القانون بوضعها مباراة لا قيمة لها. ماذا ستكون عليه مصداقية امتحاناتها مستقبلا؟ وكيف سيتلقف العالم مثل هذه القرارات التي تهم سمعة التعليم المشوهة أصلا؟

من شاركوا في الحوار يعرفون أن الكثير مما قيل وتم الاتفاق عليه، لم يتحدث عنه المحضر، لأن المحضر يتوجه إلى الرأي العام والعالم والإعلام، لكن من لديهم خبرة في الحوارات يعرفون أنها تتضمن الكثير مما يبقى مضمرا ولا يمكن إعلانه نهائيا. لكن يتم تصريفه عبر قنوات غير مباشرة.

وهذا المحضر يتضمن إشارات لبعض النقط، ونقط غيرها تم  تسجيلها وأوكلت مسؤولية تنفيذها إلى لجنة التتبع التي ستتولى الإشراف على تنزيل بنود الاتفاق كما هو وليس كما ظهر في المحضر.

لا ينتظر (إلا غبي) أحد أن بتضمن المحضر بندا يؤكد التزام الحكومة بإطلاق سراح الطالب المعتقل أو إلغاء إيقاف الأساتذة المكونين، لأن في هذا تعديا على سلطة القضاء وخرق للقانون، ولا يمكن للدولة أن تعلن في محضر رسمي خرقها العلني للقانون وهي التي تتحدث يوميا عن استقلال القضاء وتطبيق القانون.

لا يمكن أن يتضمن المحضر تصريحا واضحا بأن المباراة ستكون شكلية، وبأن النجاح مضمون للجميع، لأن ذلك سيعد ضربا علنيا لمصداقية المباريات وتشويها مقصودا للعملية برمتها، في الوقت الذي يتم الترويج لمبدأ الاستحقاق والمسؤولية..وقس على ذلك الكثير من البنود التي لم ترد صراحة في المحضر، لكن تمت الإشارة إليها بطريقة غير مباشرة والتزمت لجنة التنفيذ بتنزيلها، والأيام القليلة المقبلة ستؤكد مصداقية هذا الكلام، وسيظهر أن التحليلات السوداوية وقصص المؤامرة والفشل والخداع، كانت من صنع خيال البعض ممن يعجبهم التظاهر بالبطولة في اللحظات الأخيرة.

سؤالي الآن للمتجذرين، أخبروني أين هي المباراة التي شوشتم بها الناس في هذه ونغصتم عليهم فرحتهم؟ الحقيقة أنه لا يوجد امتحان ولا مباراة توظيف، هي محطتان شكليتان تمسكت بهما الحكومة لتحقق نصرا معنويا، ولتقول بأنها طبقت مرسوم فصل التكوين عن التوظيف.

أين هو مرسوم تقليص المنحة؟ الحقيقة أنه سقط عمليا عندما قررت الحكومة أن ترفع بالضعف قيمة المنحة في الشطر الثاني (وإن عن طريق الأكاديميات، لأن هذه الأخيرة لا تأتي بتمويلها من بلد آخر)، أو عن طريق تراجعها عن اعتبار شهر يناير شهر منحة وقبولها بصرف الأجور كاملة من بدايته. أليس هذا إنجازا يا صديقي المتجذر؟

ما الذي تستفيدونه بهذه المناورات السخيفة الآن؟

 لماذا التنقيص من عمل بطولي لم يكن أكثرنا تفاؤلا ينتظره؟

لماذا اتهام مكونات لجنة الحوار ورميها بالخيانة (منسق انزكان مثلا) علما أنها انتزعت مكتسبات لم تكن منصوصا عليها في المبادرة؟

لماذا أدافع عن نتائج الحوار وأرفض تمييعها والحط منها والحديث عن المؤامرات والخطط  والكولسة…؟

لسببين، أولهما لعلمي بطبيعة هذه الحكومة الرافضة للحوار نهائيا، ولأنني تابعت الأساتذة المتدربين ينتزعون مكتسبات لم تستطع المركزيات النقابية ولا الأحزاب السياسية المعارضة انتزاع ربعها، بمعنى أن لجنة الحوار المسنودة نقابيا أخذت اللحم من بين فكي الأسد.

أما السبب الثاني، فلرغبتي في ألا يسيطر القلق على آلاف الأساتذة المتدربين وهم يسمعون ويرون منشورات عن المؤامرة والخداع الذي تعرضوا له وقصص (القوالب) و(باع الماتش) وغيرها من الهراء السخيف جدا.

أريد أن يشعر كل أستاذ متدرب ناضل وتعب وعانى بأن جهده لم يضع سدى، وبأن تضحياته حققت نتائج استثنائية لا ينكرها إلا جاحد. أليس ضمان مستقبل 3000 أستاذ متدرب كانوا في طريقهم للعطالة والمستقبل المجهول إنجازا؟ أليس ضمان مستقبل ما يفوق 300 أستاذ متدرب تجاوزوا السن القانوني للتوظيف إنجازا يبعث على الفخر؟ أليس ضمان الأقدمية الإدارية بداية من شتنبر المقبل إنجازا؟ أليس ضمان توظيف الفوج كاملا إنجازا؟

لا أفهم طبيعة التفكير التي تجعل أحدهم يتعامى نهائيا عن كل هذه الإنجازات، ويرى الهزيمة والفشل ويبدأ في صياغة خطاب التيئيس والإحباط ونفث السموم لتعكير الأجواء.

لقد عانى هؤلاء الأبطال (ات) لما يكفي، وكانوا في فوهة مدفع لوحدهم ولذلك يحق لهم بعد كل هذا أن يستريحوا ويطمئنوا، فلتتركوهم وعائلاتهم بسلام. وأنا ممتلئ ثقة بأن الكثيرين ممن يتحدثون اليوم عن فشل المعركة ويهاجمون المحضر سعداء داخليا، وفرحون بما آلت إليه المعركة.

لا توجد حركة احتجاجية سلمية في التاريخ حققت  مطالبها كاملة. بل ترفع مطالبها عاليا ثم تنزل للحوار. وعندما تقبل بالحوار فأنت تسعى إلى تحسين الوضع وليس إلى تغييره. ومن الطبيعي أن تتنازل لتنتزع مكتسبات. وهذا ما فعلته لجنة الحوار. لذلك لا تحملوها ما لا تحتمل.

مجددا أهنئ كل الأساتذة المتدربين بما في ذلك بعض المتجذرين. وأقرر أن تكون هذه التوضيحات آخر ما أكتبه عن الموضوع.

ملحوظة، ما أكتبه أتحمل مسؤوليته.

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: