آخر المستجدات

وأخيرا..سقط وهم الازدواجية، وانتصرت الفيدرالية

عاصم منادي الإدريسي

assem1مر عامان ونصف على انطلاق المعركة المفتوحة التي يخوضها مناضلات ومناضلو نقابة الفيدرالية الديموقراطية للشغل. تلكم المعركة التي أكدت وجود وعي حقيقي لدى قواعد الفيدرالية الذين تنبهوا إلى الابتعاد التدريجي لمنظمتهم عن هموم المأجورين ومشاكل الموظفين وقضايا الشعب المغربي، وتموقعه في خندق المنظمات النقابية اللاديموقراطية. فكان أن اتجهوا أولا إلى استعادة قرارهم النقابي الذي كان المكتب السابق قد أبقاه مرتهنا بيد تحالف من النقابيين المعمرين المتفرجين على مشاهد البؤس التي يقاسيها المأجورون والموظفون العموميون، وهم يرون مسلسل الإجهاز على الحقوق والمكتسبات مفتوحا ومستمرا.

كان هدف الفيدراليين الأول هو تحرير المنظمة من ثقافة الانبطاح التي اختارت القيادة السابقة اعتمادها، وذلك بانتخاب قيادة جديدة تنفذ القرارات الصادرة عن القواعد، وتقف نصرة لقضايا المأجورين وعموم الموظفين. وهو ما حققوه في المؤتمر الفيدرالي الرابع بعدما أبعدوا المكتب السابق بقيادة الكاتب العام المخلوع “العزوزي” عن قيادة النقابة، وانتخبوا قيادة جديدة التزمت بتنفيذ قرارات المجلس الوطني والاصطفاف إلى جانب قضايا الشغيلة وهموم المأجورين.

إضراب شتنبر 2014 محطة فاصلة

غير أن هذا القرار لم يعجب القيادات الأخرى المعمرة على رأس نقاباتها، والتي ترى في كل فعل ديموقراطي تهديدا لمستقبلها وجرس إنذار يعيد إلى الواجهة التساؤل حول الديموقراطية المغيبة/المجمدة داخل هياكلها التنظيمية. فكان أن استغلت عدم تقبل القيادة الفيدرالية السابقة/المطرودة لقرار المجلس الوطني وخسارتها لمصالحها التي كان يضمنها الريع والفساد، ودعمتها لخلق البلبلة وضرب الفيدرالية من الداخل.

بعد استعادة القرار الفيدرالي مباشرة أعلنت الفيدرالية عن خوض إضراب عام يوم 23 شتنبر 2014 مكسرة بذلك هدنة مفتوحة دخلت بموجبها النقابات في سبات طال لسنوات، ومحرجة بذلك بقية المركزيات التي انخرطت (تحت ضغط قواعدها).

في المحطة الثانية ليوم 29 أكتوبر 2014. بإنجاحها للإضراب الأول وانخراطها في الثاني أظهرت الفيدرالية عن عزمها الاستمرار في تصعيدها ضد السياسات الحكومية المعادية لمصالح المأجورين والموظفين وعموم الشعب المغربي. وهو الأمر الذي لم يرق لرئيس الحكومة، فكان أن انضم لتحالف زعيم نقابة (CDT) وأعلن بذلك حربا شعواء ضد الفيدرالية ومناضليها من خلال دعمه القوي للمطرودين وحرصهم على تقوية الكاتب العام المخلوع إعلاميا من خلال تقديمه ككاتب عام للفيدرالية على القنوات الرسمية، وواقعيا من خلال توفير المقرات له ولبطانته لعقد مجالس وهمية…

الانتخابات المهنية تعري الانشقاق

لم تزد هذه المؤامرة الفيدراليين إلا تمسكا بمنظمتهم وتشبثا بقيادتهم المنبثقة عن المؤتمر الوطني الفيدرالي الرابع. ولذلك اختاروا النزول إلى الميدان لإثبات شرعيتهم للجميع بصفتهم ممثلين حقيقيين وواقعيين وشرعيين للمنظمة. خاصة بعد تسلم المكتب المركزي الفيدرالي المنبثق عن المؤتمر الرابع بقيادة الكاتب العام “عبد الحميد فاتحي” الوصل القانوني، والذي مثل اعترافا من طرف الدولة بشرعية المنظمة وقيادتها، وهو ما جسدته المسيرات الوطنية والجهوية والإقليمية، إلى جانب الدينامية التنظيمية التي عرفتها مختلف الهياكل والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية والاتحادات المحلية؛ الأمر الذي أجبر رئيس الحكومة على استدعاء الكاتب العام المنتخب “عبد الحميد فاتحي” بصفته الرسمية ممثلا عن الفيدرالية في الحوار الاجتماعي، وتوج في النهاية بمشاركة فاتحي في نشاطات الأممية العمالية ممثلا عن مركزية الفيدرالية. ثم جاءت محطة الانتخابات المهنية لتدق آخر مسمار في نعش المخلوع ولتنهي مسلسل الازدواجية التنظيمية، وذلك عندما أكد القانون رسميا أن المخلوع وأتباعه المطرودون لا تربطهم أية علاقة بالفيدرالية، ولا يملكون أهلية الترشح باسمها، فكان أن ترشح بعضهم ضمن لوائح نقابة أخرى (UMT)  في سلوك فضح زيف ادعاءاتهم الطويلة بانتمائهم للفيدرالية، وكشف عن استعدادهم لتغيير لونهم النقابي حرصا على مصالحهم الضيقة. مع كل ذلك لا زال الزعيم المخلد لنقابة (CDT) يتحدث عن تنسيقه القديم مع الفيدرالية ويحرص على حضور المخلوع المطرود في الخرجات الإعلامية كممثل وهمي للفيدرالية، ولا زال الإعلام الرسمي يقدمه أحيانا بصفته كاتبا عاما. وهو ما يكشف النية المبيتة لدى هؤلاء الطغمة الفاسدة، ولدى الإعلام المهترئ في تكريس الازدواجية بأي طريقة ممكنة بهدف إخراج الفيدرالية من المعركة وإبقائها منشغلة بهذا الهم التنظيمي.

محطة الحوار الاجتماعي، آخــــر مسمار

ولذلك كانت محطة الحوار الاجتماعي الأخير آخر مسمار دق في نعش “المخلوع“، وذلك بعدما أكد رئيس الحكومة للمكتب المركزي بزعامة الكاتب العام “عبد الحميد فاتحي” عدم توجيهه دعوة الحوار للمخلوع، مبديا استغرابه من عدم توصل الكاتب العام الشرعي فاتحي بالدعوة الرسمية للمشاركة في الحوار الاجتماعي. وانتهى اللقاء بانتزاع الفيدرالية لجلسة حوار خاصة بها فقط مع رئيس الحكومة للتداول في قضايا الشغيلة وهمومها. إن اعتراف رئيس الحكومة بشرعية المكتب المركزي الفيدرالي الحالي بزعامة الكاتب العام الشرعي عبد الحميد فاتحي، أرغم قيادة الاتحاد المغربي للشغل على التراجع عن دعمها للمخلوع، كما أرغم الإعلام العمومي على الاهتداء إلى البيت الفيدرالي الحقيقي بعدما ضيعه لمدة طويلة. ولم يبق في الضلال القديم إلا الزعيم الخالد الذي لا يمكن تفسير تمسكه بالمخلوع إلا بمعاداته للديمقراطية ونتائجها وحقده الدفين على الفيدرالية والفيدراليين. علينا كفيدراليين اليوم أن نكون فخورين بما حققناه وبما سجلناه لمنظمتنا، علينا أن نتذكر بفخر أن سنتين من الكفاح والصراع ضد مؤامرة كانت تستهدف منظمتنا النقابية لم تضع هباء. فلقد استرجعنا ديمقراطيتنا وقرارنا النقابي الحر. ويقضي واجبنا اليوم أن نواصل تمسكنا بهذه الديمقراطية ونلتزم بمهمتنا ووقوفنا إلى جانب قضايا الشغيلة والموظفين وكل هموم الشعب المغربي. ولا ننسى الإشارة إلى أن باب الفيدرالية سيبقى مفتوحا في وجه كل الفيدراليين الذين تم التغرير بهم من طرف بطانة المخلوع وزبانيته للعودة إلى تنظيمهم والاشتغال فيه بشكل حر وبعيدا عن القمع والإكراه. فالفيدرالية تتسع لكل أبنائها وتحتضنهم.

received_1810025362558552

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: