أتدري ما الخيانة أيها الوقح ؟؟
عاصم منادي الإدريسي
ردا على من يتهمون الأساتذة المتدربين بالخيانة
صبرت كثيرا وأنا أرى وأسمع عشرات المتنطعين يكتبون عن “خيانة” الأساتذة المتدربين لمطلب إسقاط المرسومين ويرون في ذلك تراجعا عن مطلب أسمى يستحق التضحية. لذلك ارتأيت أن أذكر هؤلاء المرضى بمواقفهم أيام القمع والحصار والتنكيل والتعذيب النفسي والتهديد والوعيد من خلال بضع ملاحظات.
أتدري ما الخيانة أيها الوقح (ة) ؟.
الخيانة هي أن تتابع معركة أخلاقية تدور رحاها منذ ستة أشهر بين شباب (ات) عزل مسالمين يدافعون عن حقهم في التوظيف، وينبهون الرأي العام إلى مخاطر المرسومين وتهديدهما لمستقبل التعليم العمومي، دون أن تحرك ساكنا.
الخيانة هي أن تسمع يوميا بتعرض هؤلاء الأساتذة المتدربين (ات) للتنكيل والقمع والحصار دون أن تتحرك فيك الإنسانية والمشاعر الطبيعية التي تدفع كائنا حيا إلى التعاطف مع حيوان من جنسه، ثم تستمر في حياتك دون أن تحس بأي تأثير لمشاهد الدماء والرؤوس المهشمة والأضلاع المكسورة والظهور المحطمة والوجوه المشوهة والجراح الغائرة والندوب الظاهرة.
الخيانة هي أن ترى جيلا من أبناء وطنك يتعرضون لهذه الحملة الشرسة من القمع الدموي، وتسمع توسلاتهم لك ولغيرك من أبناء وطنك طلبا لحمايتكم وعونكم ودعمكم من أجل الإنسانية ومن أجل المستقبل، ومع ذلك تصم أذنيك عن سماع التوسلات والصرخات وتمضي في طريقك غير عابئ بالمأساة التي تجري بجانب جدار بيتك.
الخيانة هي أن ترى خيرة أبناء وطنك وبناته ينامون في العراء، وسط بركة من المياه، وتحت سماء ماطرة وبرد قارس وحصار يطوقهم فيه رجال الأمن المدججين بالعصي والهراوات، في انتظار تدخل لا يأتي إلا في نهاية الليل، ثم تمضي في طريقك إلى بيتك وتتدفأ بأغطية ثقيلة فوق فراش وثير وتنام هادئ البال مطمئنا.
الخيانة أيها الوقح (ة)، هي أن تملأ بطنك طعاما وتجلس في فراشك مرتبطا سابحا في شبكتك العنكبوتية غير عابئ بآلاف الشباب (ات) الذين يجلسون القرفصاء قريبا من بيتك وقد أنهكهم الجوع وطووا وبطونهم فارغة إلا من قطع السكر المبللة بالماء.
الخيانة أيها الصفيق (ة)، هي أن تنام وحولك أبناؤك وبناتك وإخوتك وأفراد عائلتك آمنين مطمئنين. ولكنك غير مهتم بعشرات الأمهات والآباء الذين جفاهم النوم خوفا على بناتهم وأبنائهم الذين يقضون ليلهم في العراء وتحت تهديد القمع والبلطجيين.
الخيانة أيها المعطوب خلقيا، أن تبلع لسانك وتختفي عن الأنظار عندما تسمع بتهديد رئيس الحكومة ووزير داخليته للأساتذة المتدربين (ات) إن هم سافروا للرباط، وتنتظر وقوع المجزرة في اليوم التالي وترى تصميم الأساتذة المتدربين (ات) على السفر واستعدادهم للتضحية في سبيل تحقيق مطالبهم.
هذه هي الخيانة الحقيقية التي اقترفتها أيها الوقح (ة) طيلة مدة تفوق الخمسة أشهر ونصف. وطيلة هذه المدة كان الأساتذة المتدربون يتوسلون للمغاربة ليخرجوا لمساندتهم دفاعا عن التعليم العمومي. لكن الخقيقة المرة التي تقتلني تقول بأن الجميع كان يتفرج من بعيد دون أن يفعل شيئا، ودون أن يقدم عونا يذكر، لقد كان هؤلاء الشباب (ات) يكافحون وحدهم في الميدان، ويناضلون ويضحون ويتلقون أصناف العذاب والتعذيب النفسي والجسدي.
ولذلك لا يحق للمتخاذلين والجبناء أن يفتحوا أفواههم اليوم لانتقاد هؤلاء الأبطال ويبخسوا نضالاتهم وتضحياتهم. أما قصة إسقاط المرسومين فهي مسؤولية شعب بكامله من أحزاب ونقابات وجمعيات مجتمع مدني ورأي عام وصحافة وطلبة وتلاميذ…ولذلك فإن الأوان قد حان ليتولى الجميع النضال بأنفسهم عن مصالحهم ومستقبل أبنائهم وقضاياهم، وليس الاتكال على جيل سحقه القمع والفقر والجوع والقهر وغلبة اليدين.. واتهامه بالخيانة…وإن كنتم مناضلين حقيقيين كما تزعمون، فالمرسومان ما زالا والحكومة ما تزال والتعنت ما زال قائما، فانزلوا للشارع وسننزل معكم. تعالوا وجربوا يوما واحدا من معاناة هؤلاء الشرفاء (ات) ثم أخبرونا موقفكم. وإن كنتم جبناء عاجزين، فاخرسوا إلى الأبد.
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش