آخر المستجدات

مشروع قراءة في المسارالنضالي للمتصرفين المغاربة…

على هامش انتخاب السكرتارية الوطنية للمتصرفات والمتصرفين الفدراليين بقطاع التعليم:

مشروع قراءة في المسارالنضالي للمتصرفين المغاربة…

*عبد الإله بن التباع

منذ استقلال المغرب سنة 1956 وإلى الآن، ظل الموظف المغربي حبيس مجموعة من المراسيم التنظيمية المبهمة: الأعوان (التقنيون المساعدون في التسمية الجديدة) والكتاب والمحررون.. إلى فئة المتصرفين: تعدد الأدوار والوظائف وثقل المسؤولية وغياب التحفيز ولبس الإطار: إنها وضعية شرود إداري مزمن بين ردهات الملفات وغبار الأرشيف وأشعة الحاسوب المضرة.. ويسجل هنا الموقف التاريخي للاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة والذي اتجه إلى الملامسة الحقيقية لهذا الملف وتشخيص المشاكل المزمنة للإدارة المغربية من خلال الحيف الذي يطال وضعية المتصرفين المغاربة: فهم حبيسو نظام بيروقراطي يطاله الصدأ وتحكمه هواجس انتخابوية ومزايدات سياسوية صرفة تحت مبررات حكومية واهية بدعوى تحمل الميزانية العامة لارتفاع كثلة الأجور، فأصبح المستهدف الأول هو المتصرف المغربي وليست الإدارة التي ينتمي اليها ويتحمل وزرها، وعلى النقيض إسهال حكومي مفرط في تنزيل المذكرات والمراسيم والقرارات.. التي هي في الواقع مواقف زجرية عقابية وتخويفية في حق المتصرف كان من آخر مظاهرها إصدار القرار الحكومي المتعلق بإعادة الانتشار للأطر المشتركة، وهو قرار يؤشر على تكبيل نضالات المتصرفين والمتصرفات المغاربة، بالإضافة إلى الإجهاز على حق عالمي بعمق كوني وهو الحق في الإضراب الذي غدا يقابله الحق الحكومي المتفرد عالميا في الاقتطاع اللاشرعي من الراتب وهو ما يجانب كل القوانين العالمية..
إن وضعية المتصرفين بالإدارة المغربية عمومية كانت أو ضمن الجماعات الترابية، تواجه مصيرا مجهولا وأصبحت معه في دفاع يومي عن الحق في الحياة الكريمة بعد استهدافها بالغبن والإهمال والانتقاء في التحفيز والتمييز الأجري بين مكوناتها، هذا التمييز تحول في الواقع إلى قلق دائم بعد الإشارات السلبية المتعددة الصادرة عن الحكومة كلما تعلق الأمر بالمسار المهني والحياتي لهذه الأطر والتي زج بها في نفق الإحباط الحكومي وخاصة بعد تلويح وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بما سمي بالمشروع البنيوي لتحديث الإدارة المغربية والذي يعطي إشارات جد سلبية بالنسبة لمستقبل المتصرفين ويربط مصيرهم بالمجهول.
إنها هواجس مقلقة جدا استحضرتني بعد هيكلة السكرتارية الوطنية للمتصرفات والمتصرفين الفدراليين بقطاع التعليم وأيضا على ضوء البرنامج النضالي البطولي الذي يخوضه الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة بعد سلسلة من الاحتجاجات أمام البرلمان وأمام وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، وأيضا بعد سحب المتصرفين المغاربة لرواتبهم من الأبناك أمام استمرار التعتيم الحكومي وتجاهل الإعلام الرسمي من أجل التذكير بملفهم المطلبي العادل وللتنديد في ذات الوقت بالانتقائية الفئوية التي تميز الاستجابة الحكومية لمطالب بعض الفئات. إن هيئة المتصرفين المغاربة مصممة أكثر من أي وقت مضى على الدفاع عن مطالبها المشروعة: المساواة في التعويضات ومراجعة الأرقام الاستدلالية والتوافق حول نظام أساسي جديد… باعتبارهم دعامة أساسية داخل النسيج الاجتماعي والاقتصادي والإداري …. وهي هواجس جد مشروعة ولا تتطلب سوى جرأة حكومية عبر فتح حوار جدي ومسؤول من أجل التوصل إلى حلول تضمن من جهة كرامة الموظف ومن جهة أخرى تتيح عصرنة المرفق العام.
إن الشعارات النارية التي صاحبت المسيرات والوقفات الاحتجاجية للمتصرفين يتم التقاطها بنوع من الشوفينية السياسية الضيقة بمبررات واهية من طرف لوبيات مقاومة الإصلاح، وهي أصلا مواقف انتقامية جاهزة في حق المتصرفين. وما يفند المزاعم الحكومية الواهية كون الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة يضم مختلف الحساسيات النقابية وهي تسعى بكل مسؤولية إلى تحقيق الحق في إخراج نظام أساسي يراعي مراجعة نظام التعويضات وتدرج وتغيير الأرقام الاستدلالية والترقي في الرتبة وتحديد المهام كي تتضح الرؤيا وذلك دفاعا من المتصرفين المغاربة من أجل تحديث ودمقرطة العمل الإداري. أما إذا استمر مفهوم الإصلاح الذي تتحكم فيه وتوجهه أجندات سياسية وانتخابوية وحزبية ضيقة، فإن الإدارة المغربية ستجد نفسها مشدودة ومحكومة بالوازع البروقراطي وبدون آفاق مما يتعارض مع التوجه المستقبلي لدستور 2011 والذي يسعى أيضا إلى ضمان الكرامة بمفاهيمها وأقطابها المتعددة كالمساواة والعدل الأجري.
إن السلم الاجتماعي الذي تدعي بعض الأطراف الحكومية الحالية والسابقة أنها تتحكم في مفاتيحه، لا يمكن أن يتحقق فقط باستلهام الخطاب الخطاب السياسي القروأوسطي وإسقاطه لتحقير وتفييء موظفي الدولة والتمييز بينهم في الأجر والتعويضات والترقيات وفي الأرقام الاستدلالية… كما يتم التعامل معه حاليا بالنسبة للمتصرفين المغاربة مقارنة مع فئات أخرى داخل قطاعات حكومية أخرى…. وإنما تحقيق السلم الاجتماعي يمكن أن يتم عبر حوار اجتماعي متعدد الزوايا مع الإطار الوطني للمتصرفين المغاربة وبحضور وازن للمركزيات النقابية شريطة أن تستحضر الحكومة ورئيسها الرغبة الأكيدة والاستجابة الفورية للملف المطلبي العادل للمتصرفين المغاربة تجنبا لكل احتقان من شأنه أن يعمق الأزمة بين الحكومة الحالية وموظفي الدولة وأطرها وفي مقدمتهم فئة المتصرفين.
الموظفون وعموم المغاربة ينتظرون ملامسة مشاكلهم الحياتية من طرف الحكومة والحد من التوترات الاجتماعية الحادة التي يعرفها الشارع المغربي بالرغم من الحديث عن اتفاق مبدئي مع المركزيات النقابية حول الزيادة في الاجور وهذا يقتضي الإنصات لمشاكل المغاربة وتفهمها والعمل على حلها بدل القفز عليها والهروب إلى الأمام وحلها يقتضي بالدرجة الأولى قرارا سياسيا جريئا وليس قرارا تقنيا انتخابويا.
إنها هواجس مقلقة وخاصة بالنسبة لمسار المتصرفات والمتصرفين المغاربة وعلى الدولة الإجابة عليها بكل شفافية وواقعية خاصة وأن الموظف المغربي مقبل على متاهات مجهولة بالنسبة لمساره المهني ولعل أبرز إشاراتها ما سمي بإصلاح نظام التقاعد..؟؟ إنها لحظة تاريخية يجب أن يتحمل فيها السياسي والنقابي أيضا مسؤلياتهما بدل موقف الحياد السلبي الذي يتبناه البعض أحيانا تجاه ملف المتصرفين، لذلك يجب أن لا يقتصر دور السياسي على طرح بعض الأسئلة البرلمانية اللحظية أو المحتشمة على وضعية المتصرفين ويجب على الفاعل النقابي أن يبرمج الملف المطلبي للمتصرفين ضمن أجندته النضالية الرئيسية للضغط وكسر جدار الصمت الحكومي المتعمد تجاه القضايا المطلبية العادلة لهذه الفئة..
إن السكرتارية الوطنية للمتصرفات والمتصرفين بقطاع التعليم الأعضاء في الفدرالية الديمقراطية للشغل، يعتبرون بأن نضالات الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة هي في نفس الوقت نضالاتهم لذلك فهم يدعمونها بكل قوة ومنخرطون في معاركها إلى حين إنصاف ملفنا المطلبي المشروع عبر الرفع من احتجاجاتنا في الشارع وعبر الدعم السياسي والنقابي الواضح والذي يجب أن يكون قويا ودون التباس للاتحاد الوطني ولكل مكوناته من الحساسيات النقابية والفكرية..

*متصرف من الدرجة الأولى بمديرية الموارد البشرية بقطاع التربية الوطنية/ المنسق الفدرالي بقطاع التعليم

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من النقابة الوطنية للتعليم -ف د ش- SNE/FDT

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading