هل أتاكم حديث إعلام عمومي أصابه العمى والصمم والخرس ؟
عاصم منادي إدريسي
في قلب أكبر مدينة مغربية، مسيرة ضخمة تجوب أكبر شوارع المدينة وساحاتها، ويشارك فيها عشرات الآلاف من كل فئات الشعب المغربي، وتحضرها وسائل إعلام عالمية للتغطية والتتبع. وليست توجد في منطقة بعيدة عن مقر القناة الثانية المغربية ولا عن عيون الأولى، لكنهما كانتا توردان تقارير سخيفة عن زراعة البن في البرازيل وتربية الماعز في نواحي إفران.
لماذا هذا التعاطي السلبي مع قضية شعبية تثير اهتمام جميع المواطنين المغاربة؟ لماذا التعتيم على مسيرة سلمية وحضارية ضخمة يشارك فيها مواطنون محترمون ومسؤولون، بينما يتم البحث عن قضايا اجتماعية في الجارة الجزائر والترويج لها إعلاميا؟ ألم يشبع هؤلاء المسؤولون العموميون من احتقار الشعب المغربي وتضليله والكذب عليه؟
يتم تمويل الإعلام العمومي من المال العام الذي يتم تحصيله من ضرائب الشعب المغربي، وعلى هذا الإعلام العمومي أن يتولى تغطية كل ما له ارتباط بقضايا وهموم الشعب المغربي، وقضية الأساتذة المتدربين، هي في الحقيقة قضية الشعب المغربي قاطبة، وكان الواجب المهني يقتضي حضور مختلف مكونات المشهد الإعلامي الرسمي لتغطية الحدث الشعبي ومتابعته.
إنه لموقف مسيء ومائع أن يروجوا وبالتفاصيل الدقيقة ويخصصوا الاستوديوهات التحليلية لتأويل وقراءة تداعيات المسيرة الوطنية خلال الأحد الماضي لإدانة تصريحات كيمون. بينما يصابون بالعمى والخرس لاحتجاج الشعب على السياسات اللاشعبية للحكومة.
بهذه الطريقة البائسة نعمق الهوة بين المواطن والوطن، فقبل أسبوع كان الأساتذة المتدربون ومعهم آلاف المواطنون يصدحون بحناجرهم دفاعا عن الوطن، وبجانبهم مختلف أجهزة الإعلام تصور وتوثق وتأخذ التصريحات. وبالأمس كان الشعب نفسه يصرخ دفاعا عن التعليم العمومي ومصالح الفقراء وحقوقهم، لكن الإعلام الرسمي أخلف الموعد، وغاب عن الحدث في موقف جديد يؤكد العطب المهني لهذا الإعلام وابتعاده عن مهمته الحقيقية.
كمواطنين محبين لهذا الوطن، لم نصدم لهذا الموقف الذي له سوابقه بالمئات. ولم نعول على هذا الإعلام أبدا لنشر قضايانا ومشاكلنا العمومية، بل نعتمد على وسائلنا الذاتية وإمكاناتنا البسيطة، ونحن واثقون من أننا سنحقق هدفنا من نشر همومنا اعتمادا على أنفسنا. فبهذه الطريقة وصلت القضية للعالم، وستصل مجددا، وسيظل الإعلام العمومي المهترئ غارقا في البؤس والانحطاط واللامهنية.
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش