آخر المستجدات

النساء الاتحاديات يقاربن ظاهرة العنف المدرسي في ظل عجز الحكومة واستكانتها للمقاربة الزجرية

عماد بنيشي

احتضنت قاعة غرفة التجارة والصناعة بالقنيطرة التي غصت بالحضور، يوم السبت 2 دجنبر 2017، ندوة فكرية حول العنف المدرسي، نظمتها مناضلات المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات  تحت شعار: “من أجل فضاء مدرسي تربوي تشاركي”.
فبعد تحديد ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية، اتجهت مداخلة الدكتورة وصال لمغاري والأستاذ سعيد بلوط والدكتور سعيد جعفر إلى كون الزج بالتلاميذ في السجون مؤشر على الإفلاس البيداغوجي، ومن تم فمعالجة والتصدي للظاهرة أمر مستعجل.
في مرحلة أولى اتجهت المحاضرة نحو تفكيك الظاهرة، فحسب الدكتورة وصال لمغاري، مسؤولية ارتفاع ظاهرة العنف ضد الأساتذة والأستاذات من قبل تلاميذهم راجع إلى فقر المؤسسات التعليمية من حيث الهيئات المتخصصة في المجال النفسي والاجتماعي. إذ من اللازم حسب الدكتورة توفر المؤسسات التعليمية على خلايا للإنصات تضم متخصصين مهمتهم الأساسية الإنصات للأساتذة والتلاميذ في أفق تحليل ظاهرة العنف بعمق أكثر حتى يتسنى تفكيكها ومن تم فهمها بشكل أعمق وحينئذ امتلاك الوسائل للتصدي لها. أما ما نتابعه اليوم حسب الدكتورة النفسانية لا يعدو أن يكون تراشق للتهم بين تلاميذ يعانون في صمت من الفقر الثقافي الذي ترزح تحته الأسر وحتى المؤسسات التعليمية التي باتت تمارس فيها مهنة التدريس بشكل إداري بيروقراطي بدون أي شكل من أشكال أنشطة تنمية القدرات التواصلية أو الاجتماعية…
فالتلميذ الذي يمارس العنف هو تلميذ لفظته المؤسسات التعليمية ويعيش في الهامش حسب الدكتورة النفسانية وبسلوكاته العنيفة فهو يعبر عن خوف من التهميش ومن الضياع، وفي حالات هو محاولة للانضمام للمجموعات أو محاولة تسلق تراتبيتها، إذ في غياب نواد ترفيهية، يتكفل المجتمع بخلقها حول مواضيع يمكن أن تكون إيجابية كالرياضة، ألعاب الفيديو…أو سلبية كالمخدرات، العنف، المجازفة….
أما مسألة المعالجة القانونية لظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية فهو سيناريو كارثي، وإن كان فعالا على المدى القريب إلا أنه سيخلق شرخا بين التلميذ والأستاذ، والاستكانة للمقاربة التقليدية هي في الواقع استكانة للحلول القرووسطوية، وتعبير عن إفلاس المنظومة التربوية وضعفها. فنحن حسب الدكتورة النفسانية في حاجة لمؤسسات تعليمية تعج بالحيوية وبالأنشطة بالشكل الذي لا تسمح فيه بنشوء فراغات. أما في ظل إعطاء الأولوية للزجر سنلحظ انتعاش المقاربة التقليدية لدى الأساتذة من خلال عودة الفلقة، وهي أشكال التعذيب التي عانينا منها في الماضي القريب.
من جهته انبرى الدكتور سعيد جعفر إلى كون اللحظة السياسية تستدعي الانكباب بشكل مستعجل إلى تدارك ما يمكن تداركه للحد من استفحال العنف المستشري، من خلال استئصال الأسباب المادية الكامنة وراء الظاهرة من خلال السهر على توفير الأمن في محيط المؤسسات التعليمية وكذا الرقي بالمكانة الاجتماعية لرجال ونساء التربية والتعليم بدل الاسترسال في الحط من وضعهم الاجتماعي إعلاميا.
للإشارة فالندوة شهدت تفاعلا من قبل الحضور نظرا لراهنية الموضوع واستعجاليته والسلبية التي تواجهه بها الحكومة التي تتعامل معه رغم استفحاله كحالات عنف معزولة في حين أن الواقع يعاكس رؤيتها بفعل التكرار والتمادي.
فيما تناول الأستاذ السعيد بلوط الموضوع معتمدا على معطيات إحصائية، ودعا في نهاية مداخلته إلى:
دمقرطة الحياة المدرسية وإشعار التلاميذ بالمسؤولية من خلال إدماجهم في مجالس تدبير المؤسسات،
كما دعا كذلك إلى تفعيل دور الوساطة من خلال الإنصات للتلاميذ وهو ما يدعو إلى خلق إطار الملحق الاجتماعي بالمؤسسات التعليمية،
وإلى إعادة النظر في تكوين الأساتذة خاصة من جوانب علم النفس والاجتماع…إلخ،
مع ضرورة إعادة الروح للحياة المدرسية، من خلال الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية،
ووضع استراتيجية وطنية تحت إشراف الوزارة الأولى وباقي الوزارات للنهوض بالمدرسة العمومية ورد الاعتبار للعاملين بها.

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: