الفعل النقابي في المغرب ووهم الحداثة
بقلم: براهيم غزان
إن واقع الفعل النقابي في المغرب في وضعية يرثى لها و أصبح يسائلنا أكثر من أي وقت مضى نظرا لوضعيته الحالية وشكله وممارساته وآليات اشتغاله والثقافة السائدة فيه.
يسائلنا أمام تغول رأس المال وما عرفه من تطوير آليات اشتغاله وأساليبه وتحكمه في جل القطاعات وفي كل مناحي الحياة وأمام اتساع الفوارق الطبقية في المغرب.
إن أول معوق وفيروس يقتل الفعل النقابي في المغرب هو غياب تجديد النخب النقابيـة، لأنه مع كامل الأسف القيادات وأعضاء المجالس الوطنية من المتقاعدين (لسنا ضد المتقاعدين ولا ضد تجربتهم وعلى النقابات أن تخلق لهم مجالا للاشتغال لكن خارج مراكز القرار) يرفضون تسليم المقاعد وبالتالي فالنقابة تقتل نفسها بنفسها وهذا ما يفسر وضعها المتدني وسط الشغيلة.
نقابات تدعي الحداثة والديمقراطية وفيها من مكث في مجالسها الوطنية وأجهزتها التقريرية أكثر من 25 سنة. وفي مكتبها الوطني منذ أن أنشئت (الزعامة الأبدية).
إن الفعل السياسي أو النقابي يتطلب أولا نبد الأنانية وفكر الزعامة وفكر الاستحواذ وفكر الكولسة. النقابة ليست مهنة نحترفها بل قناعة نتقاسمها تبنى على الدفاع على الحقوق وتشكيل كتلة تصارع من أجل توزيع الثروة توزيعا عادلا وجبهة أساسية في الصراع الطبقي .
إن الملاحظ لمؤتمرات هذه المنظمات النقابية يقف على حقيقة مرة هي أنها أكذوبة تلقى فيها خطب الوعد والوعيد والبكاء على الحقوق والدعوة إلى الحداثة والديمقراطية وترديد شعارات أكبر منها.
انفصام في الشخصية من جهة والتسلط والكولسة للمكوث في هياكل هذه النقابات بشكل أبدي.
ثقافة الشيخ والمريد عششت في جسمنا النقابي وأصبحت هي القاعدة وهي التي تحرك كل التوجهات.
ففي الوقت الذي طورت الباطرونا وأصحاب رأس المال آليات اشتغالهم لازلت النقابات تجتر فكر وممارسة الشيخ والمريد ولازالت أساليبها تقليدية بئيسة تعتمد الولاء كقاعدة وتغلق الباب أمام الكفاءات وكل الأفكار الجديدة بل تحاربها أحيانا. أساليبنا وأشكال اشتغالنا تم تجاوزها ولا علاقة لها بالحداثة ولا بمتطلبات الوقت الراهن.
إن التطور والتحديات الجديدة التي يعرفها المغرب وأمام غزو الفكر الليبرالي المتوحش لجميع مناحي الحياة وضرب ما تبقى من الدولة الاجتماعية يفرض أن تغير النقابة جلدها وأن تؤسس لإدارة نقابية تعتمد في تسييرها على كفاءات في مختلف التخصصات مهيكلة وتشتغل بأحدث الوسائل. فأغلبية المقرات النقابية المركزية والجهوية تجد بها شاوش وكاتبة وكراسي مكسرة (إن وجدت) .
فهل بمثل هذه الأساليب النقابية وتلك المقرات الفارغة سنواجه سياسة وتوجهات رأس المال وندافع على حقوق الطبقة العاملة.
كفانا كذبا على أنفسنا وإن كان هناك نقد يجب أن نقدمه، فلأنفسنا ولثقافتنا ولأشكالنا النقابية ولممارستنا أولا.
النقابة ليست محلا للترقي ولا هي وظيفة ولا هي مكان لإبراز الذات ولا هي مكان لإفراغ المكبوتات إنما هي قناعة وممارسة وليست مهنة نحترفها تمنحنا التفرغ والوضع الاعتباري داخل المجتمع أووسط الطبقة العاملة.
قحان الوقت لإعادة النظر في القوانين الأساسية للمنظمات النقابية لتكون ديمقراطية وحداثية وتؤسس في بنودها لإلزامية التداول حول تدبير الفعل النقابي والتأسيس لإدارة نقابية فعالة تعتمد على التدبير الحديث .
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش