بعض قضايا منظومة التربية والتكوين المطروحة أمام المؤتمر الحادي عشر للنقابة الوطنية للتعليم
الحسين سوناين
تعقد النقابة الوطنية للتعليم في نهاية الشهر الجاري مؤتمرها الحادي عشر تحت شعار: “جبهة اجتماعية لحماية المدرسة العمومية ومواجهة الإجهاز على المكتسبات” وإذا كان السياق السياسي والاجتماعي الذي ينعقد فيه هذا المؤتمر قد استفحل في التردي، وانضمت فئات اجتماعية أخرى لدائرة الفقر والهشاشة التي ما لبثت تتسع كتحصيل حاصل للاختيارات الليبرالية المتوحشة المملاة من المؤسسات المالية الدولية، فإن الوضع الذي تعرفه منظومة التربية والتكوين، متفرد في تعقيداته، متعثر في سيرورته، مرتبك في أدائه، وغامض اُفقه. لذلك تُطرح أمام المؤتمر الوطني للنقابة الوطنية للتعليم أسئلة حارقة تتعلق بقطاع ترتبط به كافة شرائح الشعب المغربي.
وإذا كانت النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل كما يشهد تاريخها الممتد من الستينيات إلى اليوم، اتخذت على عاتقها عدم الركون للأجوبة السهلة، وعلى عدم الركوب على ردود الفعل الآنية المنفعلة، فإن المهام المطروحة على مناضلاتها ومناضليها وكافة منخرطيها تتطلب صياغة أجوبة عن الأسئلة الحارقة التي تطرحها الانتكاسات المتتالية التي تعيشها منظومة التربية والتكوين.
هل ما تمت صياغته من أجوبة وتصورات رسمية حول السؤال: أي تعليم نريد؟ هل الأجوبة الرسمية مقنعة ومفعلة، هل يمكن الاطمئنان لما ورد في ما يمكن تسميته “أدبيات الإصلاح” الممتدة من الاستقلال إلى الرؤية الاستراتيجية لــ2015 –2030 ؟
فكما ينطق الواقع الذي لا يُعلى عليه، وبغض النظر عن رداء النية الحسنة، فإن منظومة التربية والتكوين محاصرة بالأعطاب المستدامة في المناهج، والبرامج، وتدبير الموارد البشرية، أعطاب تحولت لأمراض مزمنة ملازمة للقطاع.
هل النظرة التجزيئية التي ترى في القطاع جزيرة معزولة عن أزمة التردي الاجتماعي، والارتباك السياسي التي تحت سقفه نزعم إصلاح المنظومة؟
ألا يمكن اعتبار انحطاط القيم المتجلي في انتشار الجريمة، والتطرف والكراهية، والفساد من رشوة ومحسوبية وتحايل على القانون، هو نتاج خالص للإجهاز المبيت على المدرسة العمومية، التي اعتبرت من طرف الجهات الرسمية، أنها آلة غير منتجة ليس إلا.؟
هــل برامجنا ومناهجنا تتيح إمكانية انفتاح أطفالنا وشبابنا على القيم الكونية التي تدعو للتسامح والمساواة والحرية واحترام حقوق المرأة وإدماجها في دينامية المجتمع؟
هل تمتلك الدولة تصورا واضحا للمدرسة العمومية في علاقة بغريمها التعليم الخصوصي؟
إن بعض مؤشرات حسن النية إزاء الإصلاح المزعوم كان يمكن أن يظهر في التعليم الأولي المدخل الأولي لتعليم نافع ومفيد، لكن ترك هذا التعليم للفوضى والمضاربات التجارية يُظهر، أن خطاب الإصلاح مجرد إعلان نوايا لا تتوفر الآليات المادية والبيداغوجية لإنجازه.
إن اللحظة التي ينعقد فيها المؤتمر الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، تتزامن مع انعطاف خطير محفوف بالغموض تدخله منظومة التربية والتكوين.
فإقبال السلطات الوصية على القطاع بحل مشاكل سد الخصاص المرعب الذي تعرفه المنظومة في مجال الموارد البشرية عبر التوظيف بالتعاقد، والزج بالمتعاقدين إلى حجرات الدرس دون حد أدنى من التكوين، دليل على أن المسؤولين يركنون للحلول السهلة، والترقيعية. ومثل هذه المبادرات وغيرها في مجال التدبير اليومي للقطاع مؤشرات مقلقة على مصير المدرسة العمومية.
إن مشروع الورقة السياسية الذي سيقدم للمؤتمر، والتي استلهمت منها هذه الأسئلة تتضمن جميع الأسئلة أعلاه، وتقدم البدائل والمقترحات. وعلى المؤتمر أن يدقق أكثر ويستشرف عواقب هذا الانعطاف الذي دخلته منظومة التربية التكوين.
فإذا كان من مهام النقابة الوطنية للتعليم الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للشغيلة التعليمة. فإن من مهامها الوطنية الدفاع عن المدرسة العمومية، التي عبرها يمكن لأبناء الشعب المغربي ولوج تعليم منصف ومفيد ونافع. وبذلك يكون دفاعنا عن المدرسة العمومية هو دفاع عن حق أبناء الشعب المغربي في تعليم ذي جودة.
*عضو المجلس الوطني ـ للنقابة الوطنية للتعليم
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش