المؤتمر الجهوي الأول لجهة الرباط سلا القنيطرة: كلمتا الكاتبين الوطني والجهوي، المؤتمر والدلالات
إبراهيم براوي
انطلقت مساء يوم 29 أبريل 2017 فعاليات المؤتمر الجهوي الأول لجهة الرباط سلا القنيطرة، تحت شعار “تنظيم نقابي جهوي قوي، دفاعا عن المدرسة العمومية وكرامة الشغيلة التعليمية” بعقد الجلسة الافتتاحية وذلك بالمركز الوطني للرياضة مولاي رشيد (المعمورة) بسلا،
حضرها أعضاء من المكتب والمجلس الوطنيين والمسؤولون الجهويون والإقليميون يتقدمهم الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش) الأخ عبد العزيز إوي. كما حضرها مجموعة من الفعاليات النقابية والسياسية والحقوقية والإعلامية والجمعوية والمشاركة الفعلية للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالجهة، كما غصت القاعة بضيوف المؤتمر من نساء ورجال التعليم والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي القادمين من مختلف أقاليم الجهة.
شارك في المؤتمر 214 مؤتمرا ومؤتمرة من مختلف أقاليم الجهة: الرباط، سلا، القنيطرة، تمارة، سيدي سليمان، الخميسات، سيدي قاسم.
وتضمن برنامج هذه الجلسة:
كلمة ترحيبية بالمناسبة والتي قدمها مسير الجلسة الأخ عبد الرحمان بلعلا.
وصلات موسيقية للمجموعة الصوتية لمؤسسة 11 يناير، بتأطير الأستاذ عادل اعصيفر.
تكريم رواد النقابة الوطنية للتعليم بالجهة
الأخت نجاة العمروسي والأخوان محمد بدلاوي وعمر أبو رزق، وهم من مؤسسي العمل النقابي إن على المستوى القطاعي أو المركزي.
كلمة الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم الأخ عبد العزيز إوي
استهل الأخ عبد العزيز إوي كلمته بتحية الضيوف الحاضرين من سياسيين وحقوقيين ونقابيين ومؤتمرين ومؤتمرات كما حيى كل حاملي المعرفة الذين يناضلون يوما بعد يوم من أجل تقاسمها مع الأجيال الجديدة من الأطفال، مستقبل المغرب.
مؤكدا على أن الرسالة التي يحملها الإخوة المدرسون بكل فئاتهم هي رسالة مقدسة ونزيهة، ولأنها في عمقها لا تقاس بمال ولا بمقابل، لأنها تنتشل أجيالا كاملة من الجهل والتهميش وتعطيهم مفاتيح المستقبل، لذلك كانت دوما مهنة محترمة. لكنها في السنوات الأخيرة فقدت كثيرا من قيمتها الاعتبارية وقيمتها الاجتماعية، لذلك فالحركة النقابية تناضل من أجل أن تبقى للمدرس كرامته ومكانته الاجتماعية لأنه يقدم أكبر خدمة وهي القضاء على الأمية والجهل وفتح آفاق المعرفة للجميع.
بعدها أعلن باسم النقابة الوطنية للتعليم عن التضامن اللامشروط مع نضالات شعبنا الفلسطيني، وجدد إدانته لسياسة الميز والعدوان التي يمارسها المحتل الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني مع دعوة المنتظم الدولي إلى تحمل مسؤوليته السياسية والإنسانية من أجل إنصاف الشعب الفلسطيني، الذي يخوض معركة الكرامة من خلال الإضراب العام عن الطعام الذي يخوضه أكثر من 1000 معتقل في السجون الاسرائيلية، ضد النسيان والإهمال الذي ميز الموقف الأممي الذي ترك المحتل الصهيوني يعربد في حقوق الشعب الفلسطيني، وضد الضعف والخذلان الذي ميز الموقف العربي والإسلامي.
كما ذكر الأخ عبد العزيز إوي بالسياق الذي ينعقد فيه المؤتمر الجهوي الأول لجهة الرباط سلا القنيطرة، بعد مخاض عاشته بلادنا لأكثر من خمسة أشهر. انتهى بإعفاء رئيس الحكومة المعين السابق وتعيين رئيس جديد للحكومة، الذي تمكن من تكوين أغلبية حكومية، وانتهى بمصادقة البرلمان على التصريح الحكومي ومعه المصادقة على الحكومة، وعليه فالحكومة الحالية تجد نفسها في مواجهة ملفات عديدة ومعقدة بفعل الانعكاسات الكارثية لسياسة الحكومة السابقة على عدد من الملفات خصوصا الاجتماعي منها.
فعلى الصعيد الاقتصادي يعاني الاقتصاد الوطني من تراجع في النمو ومع ما لذلك من انعكاس على مستوى التشغيل، حيث عرفت البطالة ارتفاعا ملموسا بفعل عجز الاقتصاد الوطني على خلق مناصب الشغل الكافية وبفعل الهدر الذي تتعرض له اليد العاملة جراء إغلاق العديد من المؤسسات الإنتاجية.
وعلى المستوى الاجتماعي، بدأت أطراف حكومية سابقة تعترف بأن الإجراءات المقياسية التي اتخذتها الحكومة السابقة غير مجدية، وأصبح من الضروري إعادة النظر في منظومة التقاعد من جديد في إطار مقاربة شمولية، وهو المطلب الذي كانت الفيدرالية الديمقراطية للشغل وعدد من المركزيات ترفعه في وجه الحكومة السابقة.
وعلى الصعيد التعليمي، اعترفت الحكومة أخيرا على لسان وزير التربية الوطنية الجديد باستحالة نجاح أي إصلاح دون حل معضلة الخصاص في الموارد البشرية وتخفيف الاكتضاض في الأقسام، وتأتي الاجراءات الاستعجالية للسيد وزير التربية الوطنية الجديد تؤكد صحة طرح منظمتنا ومعها باقي النقابات، فقد أخبر السيد الوزير، بأن الوزارة ستوظف بشكل استثنائي 24.000 موظف على صعيد الأكاديميات، كما التزم بالعمل على تخفيف الاكتضاض بالأقسام ابتداء من الدخول المدرسي المقبل في أفق القضاء النهائي عليه، مع أن مشكل الجودة سيظل مطروحا نظرا لأنه سيتم توظيف هذا العدد من المدرسين دون أي تكوين، آملا أن يساهم هذا الجيل الجديد من الموظفين في تحرير عدد هام من نساء ورجال التعليم الذين حكمت عليهم الحكومة السابقة والوزارة معها بالبقاء رهائن في القطاع رغم المعاناة الصحية لعدد منهم وعدم قدرة عدد آخر على تحمل أعباء ومعاناة المهنة، وسبق لهم أن تقدموا بطلبات تقاعد نسبي لكنها قوبلت بالرفض.
مؤكدا على أن مظاهر أزمة المنظومة تتعدد وتتفاقم ويؤدي نساء ورجال التعليم ثمن انعكاساتها من صحتهم وتدهور ظروف عملهم، وأصبح ذلك جليا بما لا يدع مجالا للشك بمناسبة الندوة الوطنية التي عقدتها النقابة الوطنية للتعليم حول الأمراض المهنية التي تم تنظيمها في شهر أبريل الماضي، مؤكدا على أن تدهور ظروف العمل واستمرار التوثر والضعط النفسي الذي يتعرض له المدسون في القسم وفي محيط عملهم يؤدي إلى اختلالات دماغية ونفسية وجسمية تكون سببا لظهور أمراض وأعراض غير مفهومة أحيانا وتؤثر بشكل كبير على مردودية وأداء المدرسين والمدرسات وتؤثر أحيانا كثيرة على حضورهم، بل وتعرضهم لعقوبات إدارية بحكم جهل الإدارة بكل ما سبق ذكره، علما أن عددا من الدول اعترفت بأن مهنة التعليم مهنة متعبة ومرهقة، في حين، أن بلادنا جد متخلفة في هذا الموضوع، ليس فقط عن عدد من البلدان بل حتى عن مدونة الشغل المغربية، عاقدا مقارنة بين النظام الأساسي للوظيفة العمومية الذي يعتبر متخلفا عن مدونة الشغل في هذا الميدان، فعدد الأمراض التي تعترف بها مدونة الشغل أكثر من عدد الأمراض التي يعترف بها القانون الأساسي للوظيفة العمومية، لهذا السبب تم استثمار فرصة اللقاء بالسيد وزير التربية الوطنية الجديد، وتمت مطالبته بفتح ملف الأمراض المهنية بالقطاع بإجراء دراسة تكون قاعدة للتعامل مع أوضاع نساء ورجال التعليم من جهة ومنطلقا للشروع في ضبط لائحة للأمراض المهنية في القطاع.
بعدها انتقل الأخ الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم إلى وضعية القطاع، معتبرا أن من مفاجآت هذه الحكومة هو تعيين وزير الداخلية السابق وزيرا للتربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، هذه الوزارة التي أصبحت تشكل قطبا متكاملا يضم عدة قطاعات، مسجلا ملاحظين:
1. أن وزير التربية الوطنية الحالي وهو وزير الداخلية السابق يدرك وقع ذلك على مخاطبيه النقابيين لذلك سارع في أول لقاء معهم، إلى طمأنة النقابات بالعبارات التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام لتوضيح منهجية عمله في القطاع التي تعتبر أن النقابات شريك في المنظومة.
2. مقارنة مع سابقه الذي كان تقنوقراطي بامتياز، فإن الوزير الحالي هو خبير سياسي وملم بتفاصيل السياسة والسياسيين وحساسيات المجتمع المغربي وهي ميزة ضرورية في وزير يشتغل في قطاع تخترقه السياسة من أقصى جماعة قروية وحضرية إلى أعلى درجة في البرلمان، بكل مكوناته السياسية، كما أن عددا من القضايا المطروحة في القطاع لها عمق سياسي، مثل لغة تدريس العلوم والفلسفة والبرامج والمناهج ومضامين الكتاب المدرسي، وكلها تحتاج إلى تعامل تربوي بخلفية ملمة بكل الأبعاد السياسية وانعكاساتها، هذه الميزة يمكن أن تساعد السيد الوزير في أن يتقدم في معالجة المشاكل التعليمية الشيء الذي لم يستطعه الوزير السابق، كما أن الوزير الحالي بإمكانه أن يجرب أساليب مستوحاة من تجربته في الداخلية، لكن في هذه الحالة ستكون النقابات وعموم نساء ورجال التعليم مضطرين إلى الاحتجاج مثلما تم الاحتجاج على إخضاع التعليم لسلطة الداخلية في عهد الوزير السابق.
وعن ملف الأساتذة المتدربين، فقد تم تذكير السيد الوزير خلال اللقاء به الأخير، هذا الملف الذي شغل المنظومة والرأي العام السنة الماضية، ـ يقول الأخ إوي مذكرا ـ أن وزير الداخلية السابق هو الذي بادر في السنة الماضية إلى تكليف وزير الداخلية الحالي. إلى فك التوثر في ملف الأساتذة المتدربين، الذي تسبب فيه موقف رئيس الحكومة السابق، حيث كلف والي الرباط سلا القنيطرة آنذاك بفتح حوار معهم ومع النقابات والمجتمع المدني هذا الحوار الذي أسفر على توقيع اتفاق أبريل 2016، الذي تم بمقتضاه التزمت الحكومة بتوظيف الفوج بكامله بمفعول مالي يبدأ بيناير 2017، وبمقتضى هذا الاتفاق ربحت الحكومة حوالي 60 مليون درهم، وهما الآن يواجهان أزمة ناجمة عن ترسيب أزيد من 150 أستاذا وأستاذة، فهل سيقدم وزير التربية الوطنية الحالي على إنهاء هذا الملف وإنهاء معاناة الأساتذة وأسرهم وأبنائهم، معتبرا أن هذا الملف يعتبر امتحانا للنوايا الحقيقية لوزير التربية الوطنية الحالي في القطاع ولمنظوره للعلاقة مع النقابات وملفات نساء ورجال التعليم.
وعن جولة الحوار القطاعي الذي تم بوزارة التربية الوطنية بين السيد الوزير والنقابات التعليمية، أكد الأخ الكاتب العام على أن اللقاء جاء في سياق الرسالة التي وجهها التنسيق النقابي الثلاثي، تذكره بالمذكرة المطلبية المشتركة التي تم رفعها للسيد وزير التربية الوطنية السابق بمناسبة إضراب 23 مارس 2017 والتي تضمنت عدة مطالب تعليمية بقيت عالقة لسنوات ومن بينها ملف الأساتذة المتدربين وملف المدراء سواء خريجي المسلك أو الممارسين وملف ضحايا النظامين وملف المساعدين التقنيين والمساعدين الإداريين وملف الأساتذة العاملين خارج إطارهم الأصلي وملف الأساتذة المبرزين وملف التخطيط والتوجيه وملف المتصرفين والدكاترة وملف الأساتذة المجازين وملف النظام الأساسي الذي أجلت الوزارة السابقة بمقتضاه معالجة كافة المشاكل العالقة بدعوى معالجتها ضمن النظام الأساسي الجديد، وكان اللقاء بالوزير فرصة لنا لتذكيره بهذه الملفات من جديد، وبهذه المناسبة، سجل الأخ عبد العزيز إوي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، إلتزام السيد الوزير بالتعاون الإيجابي مع المطالب التعليمية ودراستها وتقديم الحلول في أقرب الآجال، واعتبار هذا الجواب التزاما وامتحانا للنوايا الحقيقية للسيد الوزير.
وخلافا لما تروج له بعض وسائل الإعلام المخدوم أكد الكاتب العام الوطني أن رجال التعليم لم يكونوا يوما ضد إصلاح حقيقي للمنظومة التعليمية أو ضد مصلحة التلاميذ، بل كانوا باستمرار نموذجا للتضحية والتفاني من أجل إنقاد أبناء الشعب المغربي الذي يرتاد المدرسة العمومية من الأمية والجهل وإعطائهم المفاتيح الأساسية للاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
وفي موضوع الإصلاح الذي تعيشه المنظومة التعليمية للسنة الثالثة والمندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، تم تسجيل أن الأستاذ الذي يعتبر الحلقة المركزية في هذا الإصلاح لا يزال ينتظر، وبدل تحسين أوضاعه المهنية وإعادة النظر في المناهج والبرامج التي يستعملها، وتطوير الأساليب البيداغوجية والتربوية والنفسية التي يوظفها في تعامله مع التلاميذ، وإعادة تسليحه في معركته ضد الجهل والأمية عبر تكوين أساسي جيد وعبر تكوين مستمر يتجاوب مع الحاجيات الحقيقية لكل أستاذ، تم إمطار المنظومة بعدد من القرارات التي لا أثر لها في تحسين المردودية الداخلية للمنظومة، ولا في تقليص الهدر المدرسي ولا في رفع جودة التعليم. ولا أثر لها في تحسين التعلمات الأساسية، لكن لها بالمقابل آثار سلبية على منظومتنا، وتزيد من تأزمها. فإدخال التوظيف بالعقدة ودون أي تكوين أساسي يدخل الهشاشة في التوظيف لأنه يضرب في العمق الاستقرار الوظيفي ولا يضمن الرفع من مستوى جودة المنظومة، علما أن العديد من الدول جربت هذا الأسلوب من التوظيف وخلصت إلى أنه لا يحسن مستوى المنظومة، ويؤدي إلى تحكم الإدارة في نساء ورجال التعليم وتقليص حريتهم التربوية وضرب حقوقهم النقابية.
كما أن الوزارة تستهدف نساء ورجال التعليم وتعمل على تقديمهم للرأي العام كمسؤولين على الأزمة التي تعيشها المنظومة، وآخر هذه الإجراءات الوزارية تتجلى في مراجعة معايير الترقي بالاختيار، وإن هذه الإجراءات الأحادية الجانب تندرج في سياق مسعى يرمي إلى تحويل الترقية بالاختيار إلى استحقاق وامتياز. لكن الوزارة تنسى أن موظفي التعليم ليست لهم أي وسيلة طيلة حياتهم الإدارية لتحسين أوضاعهم سوى الترقية، وحتى في هذا الجانب فإن الموظف في القطاع عليه أن ينتظر ما بين ستة أعوام وأربعة عشرة سنة لكي يحلم بالترقية. وإذا كانت إرادة الوزارة أن تحولها إلى استحقاق فعليها أن تضع سبيلا جديدا آخر يمكن شغيلة التعليم من تحسين أوضاعها المادية خلال حياتهم الإدارية، وفي انتظار ذلك فإن هذه الإجراءات تدخل في سياسة التحكم والشطط وقد طالبنا كنقابة وطنية للتعليم السيد الوزير بتأجيل العمل بهذه المعايير إلى حين إعادة النظر فيها في طاولة اجتماعية مع النقابات قصد المراجعة والتطوير.
وفي سياق المؤتمرات الجهوية التي أطلقت ديناميتها النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، استهل الأخ عبد العزيز إوي مقاربته بطرح السؤال: لماذا هذه المؤتمرات؟ مؤكدا أن الأمر ليس ترفا، لأن الوضع لا يسمح بتبدير إمكانياتنا المالية، مضيفا أن منظومتنا التعليمية قطعت منذ سنة 2004 خطوات في اللامركزية واللاتمركز من خلال تجربة الأكاديميات وتفويت عدد من الاختصاصات ومن خلال ما تشهده هذه السنة من توظيف بالأكاديميات، وكل المؤشرات تؤكد أن الجهوية في قطاعنا ليست عابرة أو وقتية، أمام هذا التحول الذي تعرفه المنظومة، وأمام التحول التدريجي لمركز القرار من الرباط إلى الجهات، صار لزاما على الحركة النقابية أن تقوم بالتكيف اللازم لتأطير نساء ورجال التعليم في علاقتهم بالإدارة التعليمية الجهوية وحماية مصالحهم، لقد أكد السيد الوزير الجديد هذا التوجه نحو الجهوية واللاتمركز في المنظومة عندما أعلن أنه سيعمق اختيار الجهوية في القطاع، إن هذا الإصرار يفرض علينا مزيدا من الجهد والمثابرة من أجل إنجاز كافة المهام المرتبطة بالجهوية النقابية في ظروف أفضل وهو الأمر الذي يستدعي مجهودا منتظما من طرف كافة أطر منظمتنا حرصا على حماية مصالح الموظفين والموظفات في القطاع التي يمكنها أن تتأثر جراء هذا التحول وما يتطلبه ذلك من إعداد للأطر النقابية وتأهيلها لمواجهة هذا التحدي الجديد. مضيفا أن أولويات منظمتنا تتكاثر فهناك أوضاع نساء ورجال التعليم التي لازالت عالقة منذ سنوات وهناك ظروف العمل التي تتدهور باستمرار وهناك تحدي بناء علاقة مع إدارة الجهة، مبنية على احترام الموضوعية والمسؤولية من أجل العمل معا لخدمة المنظومة والعاملين فيها والمستفدين منها، وهناك تحدي الدفاع عن المدرسة العمومية وتحدي الإصلاح التعليمي بأبعاده التربوية والإدارية وتطوير الموارد البشرية، والمساهمة في تطوير المناهج والبرامج، وتحدي تحسين الخدمات الاجتماعية، وما تستلزمه هذه المهام من إعداد للأطر النقابية الكفؤة. فكل هذه المهام مطروحة علينا دفعة واحدة ويجب مواجهتها بقوة وحزم وبالمثابرة اللازمة، لذلك يعتبر تحدي بناء الجهوية النقابية رحلة يجب أن يشارك فيها نساء ورجال التعليم، وسوف يحرص المكتب الوطني على تقديم كل أشكال الدعم لإنجاح هذه الخطوة التي أصبحت ضرورية، لاستمرار العمل النقابي الجاد في القطاع، هذه الخطوة التي نتوخى منها تقريب المبادرة النقابية أكثر من الشغيلة التعليمية، إذ أننا مقتنعون في النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بأن تطوير هذا المكسب الذي نتقاسمه مع كافة المأجورين في العالم والمتمثل في التنظيم النقابي، والعمل النقابي رهين بمشاركة المعنيين به، وهم المأجورون أولا وأخيرا، لذلك فإننا نعتبر أن نجاح الجهوية النقابية في منظمتنا هو مسؤولية نساء ورجال التعليم بالجهة، الذين يؤمنون بالمدرسة العمومية، وبكرامة نساء ورجال التعليم، وبضرورة تحسين أوضاعهم المادية والمهنية ومكانتهم الاعتبارية، لكل هؤلاء نقول مرحبا.
وختاما، أكد الأخ عبد العزيز إوي على أن وحدة الفعل النقابي هي واجب على كل التنظيمات النقابية، من أجل ضمان حماية ناجعة لمصالح نساء ورجال التعليم، لأننا لا نتحالف لأننا نحب بعضنا، ولكن لأننا نمارس في ميدان واحد، ونواجه خصما واحدا، وندافع عن مصالح واحدة، هي مصالح نساء ورجال التعليم، وهذا وحده كاف ليفرض علينا كمكونات نقابية وحدة الفعل النقابي، لذلك فإننا إذ نحيي إخوتنا في التنسيق النقابي، ندعو باقي مكونات الطيف النقابي للانضمام إلى هذا التنسيق، لأنه يقوي أولا وأخيرا كافة المأجورين في القطاع في معركتهم، من أجل حقوقهم وتحسين أوضاعهم المهنية والمادية والبيداغوجية، كي يقوموا بمهامهم في أحسن الظروف.
كانت هذه كلمة المكتب الوطني، والتي من خلالها تم بسط التحديات المطروحة على منظمتنا وعلى باقي النقابات.
كلمة الكاتب الجهوي الأخ محمد انويكة
في بداية كلمته حيى الأخ محمد انويكة الكاتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم بجهة الرباط سلا القنيطرة، ممثلي المكاتب النقابية الجهوية بالجهة، والإخوة في القطاعات النقابية الفيدرالية، والحاضرين باسم الأحزاب السياسية، وكل الحاضرين، معلنا في بداية عرضه عن التضامن المطلق مع الأسرى الفلسطينيين في معتصمهم “الكرامة” مذكرا بمواقف نقابتنا التاريخية الثابتة المساندة للشعب الفلسطيني. معرجا على القضية الوطنية الأولى، بعد أن ألزم مجلس الأمن جبهة البوليزاريو بالانسحاب من منطقة الكركرات، إذ ثمن دور المغرب ورئيس الدولة الملك، في تعبئة المنتظم الدولي لاتخاذ هذا القرار الذي ينسجم ورؤية المغرب لحل النزاع المفتعل عبر طرق سلمية ومؤكدا على التشبث باختيار الحكم الذاتي، كما أعلن عن التضامن المطلق مع الأساتذة المتدربين، المتواجدين بمقر الفيدرالية الديمقراطية للشغل أكثر من ثلاثة أشهر بحي الليمون.
منوها بالدينامية التنظيمية التي تعرفها النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل والتي في سياقها ينعقد المؤتمر الجهوي الأول بجهة الرباط سلا القنيطرة تحت شعار: “تنظيم نقابي جهوي قوي دفاعا عن المدرسة العمومية وكرامة الشغيلة التعليمية” مؤكدا أنه نابع من صميم الممارسة النضالية للنقابة الوطنية للتعليم والتي أصبحت تشكل بزخمها التاريخي لأكثر من نصف قرن جزءا حاضرا ببصمته في كل ما يتعلق بالمكاسب المحققة لنساء ورجال التعليم وللمنظومة التربوية ككل، إذ ظلت النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، على الدوام مرافعة ومدافعة عن دمقرطة التعليم وتعميمه وتحديثه لتمكين بنات وأبناء المغاربة من تعليم مفيد ونافع، وفي ذات الوقت تصدت نقابتنا عبر تاريخها لكل المحاولات التي استهدفت القطاع، من خلال الإجهاز على المدرسة العمومية وتبخيس المهام العظمى التي تضطلع بها الشغيلة التعليمية في بناء الإنسان المغربي ليكون فاعلا في مجتمعه متشبعا بالقيم الكونية، منخرطا في الأفق الإنساني. ويتجلى هذا الهجوم على المدرسة العمومية، منذ مطلع الثمانينات، بنهج ما سمي آنذك بالتقويم الهيكلي، نؤدي ثمنه غاليا على الصعيد المجتمعي نتيجة اعتبار المدرسة العمومية عبئا ماليا وجب التخفيف منه من خلال التخلي عن تعميم التعليم وإهمال بنياته واعتماد حلول ترقيعية في تدبير الموارد البشرية، والنتيجة هي ما نعيشه اليوم من تحولات اجتماعية تكشفها تشوهات سلوكية وعجز ملحوظ في الاندماج في ركب التقدم والتطور. مؤكدا على أن النقابة الوطنية للتعليم عبر تاريخها وعن قناعة راسخة لا لبس فيها اعتبرت وتعتبر نفسها قوة اقتراحية بقدر ما تدافع وبقوة عن مصالح وقضايا نساء ورجال التعليم.
وعن المؤتمرات الجهوية التي تنعقد لأول مرة في تاريخ العمل النقابي الوطني أوضح الأخ محمد انويكة أنها تأتي في سياق الورش التنظيمي الوطني وتعزيز اللامركزية النقابية بما يوازي ما تعرفه الإدارة من نقل للاختصاصات والصلاحيات من المركز إلى الأكاديميات، وهو أيضا قرار يعكس اقتناعا، بأن نجاح الجهوية لن يتحقق ما لم يكن يعزز بقيادة جهوية إن على مستوى السياسي أو الاجتماعي، ومؤكدا على أن انعقاد المؤتمر الجهوي الأول ليس وليد قرار فوقي أو تقني، بقدر ما أنه تتويج لممارسة واعية تستهدف بالأساس تكريس الديمقراطية من خلال إعطاء الجهوية صلاحيات واسعة لممارسة مهامها النضالية والتنظيمية، وفسح المجال أمامها لإبداء الحلول واقتراح البدائل لتجاوز الأعطاب التي تكتنف المنظومة التربوية على مستوى الجهة، لذلك فمناضلات ومناضلو النقابة الوطنية للتعليم بالجهة واعون بالتحديات والإكراهات التي تعترضهم، لكنهم مطمئنون أن رصيدنا النضالي، والقيادة الوطنية المتمرسة سيكونان خير سند لاستشراف آفاق مختلفة للمنظومة التربوية تحضر فيها كرامة نساء ورجال التعليم وتراعي الخصوصية الجهوية فيما يتعلق بالمدرسة العمومية.
وأضاف الكاتب الجهوي أن محطة المؤتمر فرصة لإشراك المؤتمرات والمؤتمرين من الأقاليم السبعة لمناقشة واقع المنظومة التربوية بالجهة ومناسبة لصياغة ملف مطلبي جهوي وكذلك فرصة للنهوض بالجانب الإعلامي لنقابتنا جهويا. ومؤكدا أن هذه الخصوصية الجهوية، لا يمكن أن تعزل مشاكل الجهة عما تعانيه المنظومة التعليمية ككل من مشاكل البنية التحتية المتفاوتة بين الأقاليم، فجهة الرباط سلا القنيطرة هي دمج لقطبين، قطب الرباط كان حضاريا بامتياز وقطب القنيطرة كان قطبا قرويا بامتياز، وهذا الدمج، ضرب في العمق أهداف الرؤية الاستراتيجية التي ارتكزت على تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والتمييز الإيجابي لفائدة المناطق الهشة وهي مظاهر يمكن أن نلمسها في الأقسام المفككة، فالرباط تقريبا بدون مفكك في حين سيدي قاسم أكثر من 700، سيدي سليمان أكثر من 300 والخميسات أكثر من 600، وعندما نذكر المفكك، نذكر الأمراض المهنية السرطانية، وبالمناسبة كانت نقابتنا عبر المكتب الوطني هي أول نقابة نظمت ندوة حول الأمراض المهنية، ناقشنا فيها هذه القضايا يضيف الكاتب الجهوي، فبالإضافة للأقسام المفككة هناك خصاص كبير على مستوى البنية التحتية، فأكثر من 30% من الجماعات بإقليم سيدي قاسم لا تتوفر على إعدادية، ما يطرح إشكال الهدر المدرسي خاصة في صفوف الإناث كما يطرح الاكتضاض، وبالنسبة للموارد البشرية، نسجل التوزيع غير المتكافئ، والخصاص في أغلب الأقاليم، وفي أطر التدريس وكذلك في أطر هيئة الإدارة التربوية وفي هيكلة المصالح الخارجية، بالجهة مديرية ب 69 موظف مقابل أخرى تتوفر على 950 موظف، هذه إحدى الأرقام التي رصدناها. وعلى مستوى المؤشرات التربوية: هناك تفاوت كبير، فبنية الاستقبال مريحة نسبيا في بعض الأقاليم، على عكس أقاليم أخرى خاصة الأقاليم ذات الطابع القروي، كذلك على مستوى الفقر والهشاشة، سجلنا أن الرباط على مستوى الفقر 0.9، في حين سيدي سليمان أكثر من 17 على مستوى الهشاشة فإقليم سيدي قاسم يعاني كثيرا من مستوى الهشاشة. وفي إطار التضامن الجهوي، نطالب كنقابة وطنية للتعليم أن يراعى هذا الجانب ونطالب إدارة الأكاديمية أن تنكب على معالجة هذه القضايا، كما نعتبر أن تكافؤ الفرص بين الأقاليم هو المدخل الحقيقي لجهوية متقدمة. وبالمناسبة حيى الأخ محمد انويكة الكاتب الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة، إدارة الأكاديمية لدعمها محطة المؤتمر الجهوي الأول.
وفي خاتمة عرضه أكد الكاتب الجهوي على أن من مهام المؤتمر الجهوي الأول هذا، هو صياغة ملف مطلبي جهوي بقدر ما يشخص العيوب ويبرز المطالب، فإنه يقترح الحلول لتدارك الخلل الحاصل في بعض مجالات المنظومة التربوية، إلا أن اقتراح الحلول والبدائل يتطلب حوار منتظما بين الإدارة التربوية على مستوى الجهة، والتنظيمات النقابية التعليمية، وفي هذا الإطار، شدد على أنه مع أي تنسيق نقابي يخدم نساء ورجال التعليم ويدافع عن المدرسة العمومية. وفي هذا الإطار سجل التعاون الحاصل مع السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وعلى التجاوب مع بعض المطالب، ملحا في ذات الوقت على ضرورة انتظام الحوار لتدارس مختلف القضايا.
أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش