آخر المستجدات

فليذكرنا التاريخ أننا مضربون.. من أجل إيديا والمعادلة والوطن

حمزة إبراهيمي

photostudio_1492617545803سيسجل اليوم الأربعاء 19 أبريل 2017 في تاريخ المجد والاعتزاز أن كل الأطر الصحية وفي مقدمتها الممرضون بكل تخصصاتهم قد أضربت عن العمل واستغنت عن أجرة يوم عمل التي تساوي الشيء الكثير بالنسبة لهؤلاء الموظفين البسطاء عند الاحتياج في أحلك أيام نهاية الشهر. إضراب بمعنى التضحية والفداء بهدف تحسيس الحكومة العثمانية بالأهمية والأولوية والاهتمام الذي يجب أن يحضى به القطاع في البرنامج الحكومي وخاصة الجوانب المطلبية المتعلقة بالمهنيين في قطاع يعاني الشلل والكساح وربما هو في لحظات الموت مالم تقدم الحكومة الجرعات الدوائية وتزرع الأمل بتغيير الواقع الصحي المرير والإجراءات التي من شأنها عدم تكرار المآسي في هذا القطاع وأولها مأساة إيديا…
إيديا الملاك الحر الطاهر التي رحلت عنا في ذاك المكان من المغرب المنسي الذي يوصف بغير النافع هي عنوان بارز لفشل كل السياسات الصحية والبرامج والمخططات التي لا فائدة منها إن لم تستطع مؤسسة الحفاظ على حياة طفلة بسبب انعدام التجهيزات وعدم توفرها على البنية التحية المناسبة لإنقاذ مثل هذه الحالات. فما فائدة مستعجلات القرب والمروحيات إن لم تستخدم في هذه الحالات وما فائدة المستشفى إن لم تتواجد به التجهيزات والدواء والأطر بالأعداد الكافية، فلا راميد سيفي بالغرض وكل بطائق التغطية الصحية يمكنها أن تداوي في هذا الحال. إن واقعة موت إيديا وبعدها طالبة الطب بالدار البيضاء رغم التباعد الشاسع البين في المسافة غير أن الواقع الصحي واحد في كل المغرب. عنوانه الأبرز غياب إرادة سياسية لتغيير الواقع الصحي والاتجاه نحو تفويت القطاع إلى الخواص. فلن يغير الله القطاع مالم يغير مسؤولونا من نوايا سياساتهم وخططهم، وينزلون من بروجهم ومكاتبهم المكيفة الرفيهة إلى ردهات المستشفيات والمستوصفات العمومية، ويذوقون مرارة ومعاناة المواطنين في استجداء الخدمات الصحية.
إن الصبغة المطلبية التي يكتسيها إضراب اليوم بالنسبة لموظفي القطاع الذين لا تقل معاناتهم عن معاناة المواطنين. موظفون ينكل بهم يوميا بالضرب والاعتداء بسبب تأليب الناس عليهم والتنافر الحاصل بين الخطب الزهرية عن القطاع والواقع النثن الذي يعيشه الجميع. أطر صحية تعاني من الإحباط والتدمر والسخط بسبب تجاهل معاناتها والالتفاف على مطالبها حيث وضعيتها المهنية مزرية في ظل الخصاص وارتفاع ضغط العمل والطلب على الخدمات الصحية وقلة العون وندرة في الأطر واتباع سياسة “رقع” في العمل. إن أول ضحايا هذه الوضعية هم الممرضون والممرضات فبحكم اشتغالهم اللصيق بالمريض وتحملهم المسؤولية في رعاية وتتبع الحالة الصحية للمواطنين.
إن معاناة الممرضين لن يكفيها مجلد لإبرازها وإظهار مكامن الوجع بها فهي متعددة الأوجه، بها الإقصاء والحيف والنظرة السلبية وإنكار الأحقية المشروعة بالمطالب وفي مقدمتها مطالب المعادلة الإدارية والعلمية الذي جاء إضراب 19 أبريل ضمنيا من أجل الاستجابة لها. مطلب لا يمكن أن يجادل في أهميته ودور إقراره في الرقي بمهن التمريض وأدوار الممرضين والخدمات التي يقدمونها ولو أن رئيس الحكومة ووزير الصحة نفسهما متماطلان في الاستجابة لها.
وزارة الصحة راسلت غداة الإضراب التنظيمات النقابية من أجل إبداء اقتراحاتهم في تغيير النظام الأساسي الخاص بهيئة الممرضين الذي بحسب الصيغة التي جاءت به سيشهد تقسيم الممرضين كما وقع في نظام 93 حين تم استحداث إطار الممرض المجاز من الدولة بسلم 9 وأقبر الممرضون المساعدون آنذاك في رتبهم. التاريخ الآن يعيد نفسه حيث سيوظف الممرضون حاملي الإجازة ابتداءا من السلم 10 والماستر في السلم 11 بينما يتم قبر الممرضين خريجي النظام القديم في زنازن السلم  9 في محاولة من الوزارة لطمس معالم نضال الممرضين واجتتاته من الجدر إعمالا للمقولة اللهم اضرب الممرضين بالممرضين واخرج الوزارة منهم سالمين… حراك ونضال يعتبر اليوم الأقدم بالمغرب دون أن تجد ملفاته طريقا للحل رغم توفرها على سند ومرجع قانوني في اتفاق 05 يوليوز 2011 بين حكومة عباس والنقابات الصحية. لنقول ثانيا لن يغير الله واقع الصحة مالم يغير مسؤولوها من نوايا سياساتهم.
رسالتنا اليوم من الإضراب هي للحكومة بأن أعيدي النظر في برامجك الصحية وارتقي بوضعية الأطر، وللوزارة نقول لن يفلح المشروع من حيث أتى دون الاستجابة للمطالب وللمواطن نؤكد أن لا خدمات صحية تضمن كرامتك مادمت تصدق كلامهم المغشوش. وللوطن نقول في الأخير إنا اخترناك يا وطننا حبا وطواعية… المجد والخلود للمناضلين والمضربين
انا للشارع و انا اليه راجعون

أترك ردا أو تعليقا مساهمة منك في إثراء النقاش

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: